تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٩٠
فسكت قليلا، ثم غلبني ما أعلم منه، فقلت: يا رسول الله ما لك عن فلان، فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أو مسلما).
فسكت قليلا، ثم غلبني ما أعلم منه، فقلت: يا رسول الله ما لك عن فلان، فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أو مسلما، فإني لأعطي الرجل، وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه).
فاعلم أن الإسلام الدخول في السلم، وهو الطاعة والانقياد، والمتابعة، يقال: أسلم الرجل إذا دخل في السلم وهو الطاعة والانقياد والمتابعة.
يقال: أسلم الرجل إذا دخل في السلم، كما يقال: أشتى الرجل إذا دخل في الشتاء، وأصاف إذا دخل في الصيف، وأربع إذا دخل في الربيع، وأقحط إذا دخل في القحط، فمن الإسلام ما هو طاعة على الحقيقة باللسان والأبدان فالجنان، كقوله عز وجل لإبراهيم: " * (أسلم قال أسلمت) *)، وقوله: " * (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) *).
ومنه ما هو انقياد باللسان دون القلب وذلك قوله: " * (ولكن قولوا أسلمنا) *) بيانه قوله سبحانه: " * (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) *).
" * (وإن تطيعوا الله ورسوله) *) ظاهرا وباطنا، سرا وعلانية " * (لا يلتكم) *) (بالألف) أبو عمر، ويعقوب، واختاره أبو حاتم اعتبارا بقوله: " * (وما ألتناهم) *) يقال ألت يألت ألتا، قال الشاعر:
أبلغ بني ثعل عني مغلغلة جهد الرسالة لا ألتا ولا كذبا وقرأ الآخرون (يلتكم) من لات يليت ليتا، كقول رؤبة:
وليلة ذات ندى سريت ولم يلتني عن سراها ليت ومعناهما جميعا لا ينقصكم، ولا يظلمكم. " * (من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم) *) ثم بين حقيقة الإيمان، فقال: " * (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) *) لم يشكوا في وحدانية الله، ولا بنبوة أنبيائه ولا فيما آمنوا به، بل أيقنوا وأخلصوا.
" * (وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) *) في إيمانهم، لا من أسلم خوف السيف ورجاء الكسب، فلما نزلت هاتان الآيتان، أتت الأعراب رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»