تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ١١٢
بعضه ببعض، ومعناه: كانوا قليلا من الليل الذي يهجعون، أي كانوا قليلا من الليل هجوعهم؛ لأن (ما) إذا اتصل به الفعل، صار في تأويل المصدر كقوله: " * (بما ظلموا) *) أي بظلمهم، وجعله بعضهم صلة، أي كانوا قليلا من الليل يهجعون.
قال محمد بن علي: (كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة)، وقال أنس بن مالك: يصلون ما بين المغرب والعشاء، وقال مطرف: قل ليلة تأتي عليهم لا يصلون فيها لله سبحانه، إما من أولها، وإما من أوسطها، وقال الحسن: لا ينامون من الليل إلا أقلة، وربما نشطوا فمدوا إلى السحر.
" * (وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) *)، قال ابن عباس وسعيد بن المسيب: السائل: الذي يسأل الناس، والمحروم: المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.
وقال قتادة والزهري: السائل الذي يسألك، والمحروم: المتعفف الذي لا يسألك، وقال إبراهيم: هو الذي لا سهم له في الغنيمة، يدل عليه ما روى سفيان عن قيس بن مسلم عن الحسين بن محمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فغنموا، فجاء قوم لم يشهدوا الغنيمة، فنزلت هذه الآية، وقال عكرمة: المحروم: الذي لا ينمي له مال، وقال زيد بن أسلم: هو المصاب بثمره أو زرعه أو نسل ماشيته.
أخبرني الحسن بن محمد، قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسن الصوفي قال: حدثنا الحسن بن علي الفارسي قال: حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي عن أيوب بن موسى عن محمد بن كعب القرظي: المحروم صاحب الحاجة، ثم قرأ: " * (إنا لمغرمون بل نحن محرومون) *)، ونظيره في قصة ضروان " * (بل نحن محرومون) *)، وأخبرنا الحسين قال: حدثنا عمر بن أحمد بن القاسم قال: حدثنا محمد بن أيوب قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد (...) عن شعبة عن عاصم يعني الأحول عن أبي قلابة، قال: كان رجل من أهل اليمامة له مال، فجاء سيل فذهب بماله، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هذا المحروم فاقسموا له.
وقال الشعبي: أعناني أن أعلم ما المحروم، لقد سألت عن المحروم منذ سبعين سنة، فما أنا اليوم بأعلم مني من يومئذ.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»