تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ١٠٣
وقرأ الحسن يوم (يقال) وقرأ الباقون يوم (نقول) (بالنون) (لجهنم) * * (هل امتلأت) *) لما سبق من وعده إياها أنه يملأها " * (من الجنة والناس أجمعين) *) وهذا السؤال منه على طريق التصديق بخبره، والتحقيق لوعده والتقريع لأهل عذابه، والتنبيه لجميع عباده. " * (وتقول هل من مزيد) *) يحتمل أن يكون جحدا مجازه ما من مزيد، ويحتمل أن يكون استفهاما، بمعنى هل من مزيد، فأزاده وإنما صلح " * (هل) *) للوجهين جميعا، لأن في الاستفهام ضربا من الجحد، وطرفا من النفي، قال ابن عباس: إن الله سبحانه وتعالى، قد سبقت كلمته " * (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) *) فلما بعث للناس، وسبق أعداء الله إلى النار زمرا، جعلوا يقحمون في جهنم فوجا فوجا، لا يلقى في جهنم شيء إلا ذهب فيها، ولا يملأها شيء.
فقالت: ألست قد أقمت لتملأني؟ فوضع قدمه عليها، ثم يقول لها: هل امتلأت؟ فتقول: قط قط، قد امتلأت، فليس من مزيد. قال ابن عباس: ولم يكن يملأها شيء حتى مس قدم الله فتضايقت فما فيها موضع إبرة، ودليل هذا التأويل ما أنبأني عقيل، قال: أخبرنا المعافى، قال: أخبرنا ابن جرير، قال: حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزال جهنم يلقى فيها، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع رب العالمين فيها قدمه، فتتزاوي بعضها إلى بعض، وتقول: قد قد بعزتك، وكرمك، ولا يزال في الجنة فضل، حتى ينشئ الله سبحانه لها خلقا، فيسكنهم فضل الجنة).
وأخبرنا ابن حمدون، قال: أخبرنا ابن الشرقي، قال: حدثنا محمد بن يحيى، وعبد الرحمن بن بشر، وأحمد بن يوسف، قالوا: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن همام ابن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟ فقال الله سبحانه للجنه: إنما أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي، أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملأها، فأما النار، فإنهم يلقون فيها وتقول: هل من مزيد؟ فلا تمتلئ حتى يضع الله سبحانه وتعالى فيها رجله فتقول: قط قط، فهناك تمتلأ وتزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحدا، وأما الجنة، فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقا).
قلت: هذان الحديثان في ذكر القدم، والرجل، صحيحان مشهوران، ولهما طرق من حديث أبي هريرة، وأنس، تركت ذكرهما كراهة الإطالة، ومعنى القدم المذكور في هذا الحديث المأثور قوم يقدمهم الله إلى جهنم، يملأها بهم، قد سبق في عمله إنهم صائرون إليها وخالدون
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»