قومه إلى الإسلام، وهم من حمير، فكذبوه، وكان خبره وخبر قومه ما أخبرنا عبد الله بن حامد، قال: أخبرني أبو علي إسماعيل بن سعدان، قال: أخبرني علي بن أحمد، قال: حدثنا محمد ابن جرير، وأخبرني عقيل أن أبا الفرج أخبرهم عن ابن جرير، قال: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: كان تبع الآخر، وهو أسعد أبو كرب بن ملكي كرب، حين أقبل من المشرق، جعل طريقه على المدينة، وكان حين مر بها لم يهيج أهلها، وخلف بين أظهرهم ابنا له، فقتل غيلة، فقدمها، وهو مجمع لإخراجها، واستئصال أهلها، وقطع نخيلها، فجمع له هذا الحي من الأنصار، حين سمعوا ذلك من أمره امتنعوا منه، ورئيسهم يومئذ عمرو بن ظلم أخو بني النجار أحد بني عمرو، فخرجوا لقتاله، وكان تبع نزل بهم قبل ذلك، فقتل رجل منهم، من بني عدي بن النجار، يقال له: أحمر، رجلا من صحابة تبع، وجده في عذق له بجدة فضربه بنخلة فقتله.
وقال: إنما التمرة لمن أبره، ثم ألقاه حين قتله في بئر من آبارهم معروفة، يقال لها: ذات تومان، فزاد ذلك تبعا حنقا عليهم، فبينا تبع على ذلك من حربهم يقاتلهم ويقاتلونه، قال: فيزعم الأنصار أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار، ويقرونه بالليل، فيعجبه ذلك، ويقول: والله إن قومنا هؤلاء لكرام، إذ جاءه حبران من أحبار يهود بني قريظة، عالمان راسخان، وكانا ابني عمرو، وكانا أعلم أهل زمانهما، فجاءا تبعا حين سمعا ما يريد من إهلاك المدينة، وأهلها، فقالا له: أيها الملك لا تفعل، فإنك إن أتيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها، ولم يأمن عليك عاجل العقوبة، فقال لهما: ولم ذاك؟ قالا: هي مهاجر نبي يخرج من هذا الحي من قريش في آخر الزمان، تكون داره وقراره، فتناهى لقولهما عما كان يريد بالمدينة، ورأى أن لهما علما، وأعجبه ما سمع منهما، أنهما دعواه إلى دينهما، فليتبعهما على دينهما، فقال تبع في ذلك:
ما بال نومك مثل نوم الأرمد أرقا كأنك لا تزال تسهد حنقا على سبطين حلا يثربا أولى لهم بعقاب يوم مفسد ولقد هبطنا يثربا وصدورنا تغلي بلابلها بقتل محصد ولقد حلفت يمين صبر مؤليا قسما لعمرك ليس بالتمردد أن جئت يثرب لا أغادر وسطها عذقا ولا بسرا بيثرب يخلد حتى أتاني من قريظة عالم خبر لعمرك في اليهود مسود قال ازدجر عن قرية محفوظة لنبي مكة من قريش مهتد فعفوت عنهم عفو غير مثرب وتركتهم لعقاب يوم سرمد وتركتهم لله أرجو عفوه يوم الحساب من الجحيم الموقد ولقد تركت بها له من قومنا نفرا أولي حسب وبأس يحمد