تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٩٨
وقصد مكة ليهدم البيت، فقيل له: إن لهذا البيت ربا يحميه، فندم وأحرم، ودخل مكة، وطاف بالبيت، وكساه، فهو أول من كسا البيت " * (أفعيينا بالخلق الاول) *) أي عجزنا عنه، وتعذر علينا (الأول فهم في شك الإعادة للخلق) الثاني. " * (بل هم في لبس من خلق جديد) *) وهو البعث.
2 (* (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد * وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد * ونفخ فى الصور ذلك يوم الوعيد * وجآءت كل نفس معها سآئق وشهيد * لقد كنت فى غفلة من هاذا فكشفنا عنك غطآءك فبصرك اليوم حديد) *) 2 " * (ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه) *) يحدثه قلبه، فلا يخفى علينا أسراره، وضمائره " * (ونحن أقرب إليه) *) أي أعلم به، وأقدر عليه " * (من حبل الوريد) *) لأن أبعاضه، وأجزاءه يحجب بعضها بعضا، ولا يحجب علم الله سبحانه عن جميع ذلك شيء، وحبل الوريد: عرق العنق، وهو عرق بين الحلقوم، والعلباوين، وجمعه أوردة، والحبل من الوريد وأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين، قال الشاعر:
فقرت للفجار فجاء سعيا إذا ما جاش وانتفخ الوريد " * (إذ يتلقى المتلقيان) *) أي يتلقى، ويأخذ الملكان الموكلان عليك، وكل الله سبحانه بالإنسان مع علمه بأحواله، ملكين بالليل، وملكين بالنهار يحفظان عمله، ويكبتان أثره، إلزاما للحجة، أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شماله يكتب السيئات، فذلك قوله سبحانه: " * (عن اليمين وعن الشمال قعيد) *) ولم يقل: قعيدان. قال أهل البصرة: لأنه أراد عن اليمين قعيد، وعن الشمال قعيد، فاكتفى بأحدهما عن الآخر، كقول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف وقول الفرزدق:
إني ضمنت لمن أتاني ما جنى وأبى فكان وكنت غير غدور ولم يقل: غدورين، والقعيد، والقاعد كالسميع، والعليم، والقدير، فقال أهل الكوفة: أراد قعودا رده إلى الجنس، فوضع الواحد موضع الجمع، كالرسول في الاثنين يجعل للاثنين، والجمع، قال الله سبحانه في الاثنين: " * (إنا رسول رب العالمين) *) وقال الشاعر:
ألكني إليها وخير الرسول أعلمهم بنواحي الخبر
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»