تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٤
ظهر آدم بقوله (من بني آدم) فلما علم أنهم كلهم بنوه و (خرجوا) من ظهره ترك ذكر ظهر آدم وذكر ظهور بنيه.
وقوله: " * (ذرياتهم) *) قرأ أهل مكة والكوفة: ذريتهم بغير ألف على الواحد، وقرأ الباقون على الجمع بالألف " * (وأشهدهم على أنفسهم) *) وقال لهم " * (ألست بربكم) *) سؤال تقرير " * (قالوا) *) جميعا " * (بلى) *) أنت ربنا " * (شهدنا أن تقولوا) *) قرأ ابن عباس وابن محيصن وأبو عمرو: (يقولوا) بالباء، والباقون بالتاء كقوله: " * (ألست بربكم) *)، واختلفوا في قوله: (شهدنا) فقال السدي: خبر من قوله تعالى عن نفسه وعن ملائكته أنهم شهدوا على إقرار بني آدم، وقال الآخرون: بل ذلك على إقرار بني آدم حين أشهد بعضهم على بعض أن يقولوا يعني أن لا يقولوا " * (يوم القيامة إنا كنا عن هذا) *) الميثاق والإقرار " * (غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم) *) فاتبعناهم " * (أفتهلكنا بما فعل المبطلون) *) يعني المشركين وإنما اقتدينا بهم وكنا في غفلة عن التوحيد " * (وكذلك نفصل الآيات) *) لقومك يا محمد " * (ولعلهم يرجعون) *) عن كفرهم " * (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا) *) اختلفوا فيه.
فقال عبد الله بن مسعود: هو بلعم بن إبرة. وقال ابن عباس: هو بلعم بن باعورة. وقال مجاهد: هو بلعام بن باعر. وقال مقاتل: هو بلعام بن باعور بن ماث بن لوط. عطية عن ابن عباس: هو من بني إسرائيل.
وقال علي بن أبي طلحة: هو من الكنعانيين من مدينة الجبارين، وقال مقاتل: هو من مدينة بلقا، وسميت بلقا لأن ملكها كان رجلا يقال له: بالق وكانت وصيته على ما ذكره ابن عباس وابن إسحاق والسدي وغيرهم: إن موسى (عليه السلام) لما قصد حرب الجبارين ونزل أرض بني كنعان من أرض الشام أتي قوم بلعم إلى بلعم وكان عنده اسم الله الأعظم.
فقالوا: إن موسى رجل شديد ومعه جنود كثيرة وإنه قد جاء يخرجنا من بلادنا ويقتلنا ويحلها بني إسرائيل وأنا قومك وبنو عمك وليس لنا قول وأنت رجل مجاب الدعوة فأخرج وادع الله تعالى أن يرد عنا موسى وقومه فقال: ويلكم نبي الله معه الملائكة والمؤمنون كيف أدعو عليهم وأنا أعلم من الله ما أعلم وإني إن فعلت هذا ذهبت دنياي وآخرتي. وقالوا ما لنا من (نزل) وراجعوه في ذلك قال: حتى أءامر ربي، وكان لا يدعو حتى ينظر ما يؤمر في المنام فيأمرني الدعاء عليهم.
فقيل له في المنام: لا تدع عليهم، فقال لقومه: إني قد أمرت ربي في الدعاء عليهم وإني قد نهيت، فهدوا له هدية، فقبلها ثم راجعوه وقالوا: أدع عليهم، فقال: حتى أؤمر فلما أمر لم يجيء إليه شيء. فقال: قد أمرت فلم يجيء إلي شيء، فقالوا: لو كره ربك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك في المرة الأولى. فلم يزالوا به (يروقونه) ويتضرعون إليه حتى فتنوه فافتن فركب (أتانا) له متوجها إلى جبل يطلعه على عسكر بني إسرائيل يقال له جسبان
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»