قال المفسرون: لما خلق الله عز وجل آدم مسح ظهره وأخرج منه ذريته كلهم وهي الذرية واختلفوا في موضع الميثاق.
فقال ابن عباس: يسكن نعمان واد إلى جنب عرفة، وروي فيه أيضا أن ذلك (برهبا) أرض بالهند وهو الموضع الذي أهبط الله فيه آدم صلى الله عليه وسلم.
وقال الكلبي: بين مكة والطائف. وقال السدي: أخرج الله آدم من الجنة ولم يهبط من السماء ثم مسح ظهره وأخرج ذريته. قالوا: فأخرج من صفحة ظهره اليسرى ذرية سوداء فقال لهم: ادخلوا النار ولا أبالي فذلك حين يقول أصحاب اليمين وأصحاب الشمال. وأصحاب المنامة.
وقال لهم: جميعا أعلموا أن لا إله غيري وأنا ربكم لا رب لكم غيري فلا تشركوا بي شيئا فإني مرسل إليكم رجالا يذكرونكم بعهدي وميثاقي ومنزل عليكم كتبا فتكلموا وقالوا: شهدنا بأنك ربنا وإلهنا ولا رب لنا غيرك، فأقروا يومئذ كلهم طائفة طائعين. وطائفة على وجه التقدير تقية، فأخذوا بذلك مواثيقهم وسميت آجالهم وأرزاقهم وحسابهم فنظر إليهم آدم، ورأى منهم الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك، فقال: رب لولا سويت بينهم، فقال: إني (أحببت أن) أشكر.
قالوا: وفيهم الأنبياء يومئذ أمثال السرج فرأى آدم نورا ساطعا فقال: من هذا؟ فقال: هذا داود نبي من ذريتك قال: كم عمره؟ قال: ستون سنة قال: رب زده.
قال: جرى القلم بآجال بني آدم، قال: رب زده من عمري أربعين سنة، فأثبت لداود أربعين وكان عمر آدم ألف سنة، فلما استكمل آدم تسعمائة وستين سنة جاء ملك الموت، فلما رآه آدم قال: مالك؟ قال: استوفيت أجلك، قال له آدم: بقي من عمري أربعون سنة، قال: أليس قد وهبتها لداود؟ قال: لا فجحد آدم، فجحدت ذريته ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطأ فخطئت ذريته، فرجع الملك إلى ربه فقال: إن آدم يدعي أنه بقي من عمره أربعون سنة، قال: أخبر آدم أنه وهبها لابنه داود (عليه السلام) والأقلام بطيئة فأثبتت لداود، فلما قررهم بتوحيده وآثر بعضهم على بعض أعادهم إلى صلبه فلا تقوم الساعة حتى يولد كل من أخذ ميثاقه ولا يزداد فيهم ولا ينقص عنهم، فذلك قوله تعالى " * (وإذ أخذ ربك من بني آدم) *) ونظم الآية: وإذا أخذ ربك من ظهر بني آدم ذريتهم، ولم يذكر أمر آدم فإنما أعرجوا يوم الميثاق في ظهره، لأن الله عز وجل أخرج ذرية آدم بعضهم من ظهور بعض على نحو ما يتوالد الأبناء من الآباء، فاستغنى عن ذكر