تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٥
قال: فولد لهم تسعة في ذلك الشهر. فدعوا أبناءهم ثم ولد العاشر فأبى أن يذبح أبنه وكان لم يولد له قبل ذلك ابن وكان ابن العاشر أزرق أحمر فنبت نباتا سريعا، وكان إذا مر بالتسعة فرأوه قالوا: لو كان أبناؤنا أحياء لكانوا مثل هذا، فغضب التسعة على صالح، لأنه كان سبب قتلهم أبنائهم فتقاسموا بالله لنبيتنه وأهله قالوا: نخرج فنري الناس أنا قد خرجنا إلى (سفرنا) فنأتي الغار فنكون فيه حتى إذا كان الليل وخرج صالح إلى مسجده أتيناه فقتلناه ثم رجعنا إلى الغار فكنا فيه ثم رجعنا فقلنا مهلك أهله وإنا لصادقون يصدقوننا يعلمون إنا قد خرجنا إلى سفرنا، وكان صالح صلى الله عليه وسلم لا ينام معهم في القرية. وكان في مسجد يقال له مسجد صالح فيه يبيت الليل. فإذا أصبح أتاهم فوعظهم ويذكرهم، وإذا أمسى خرج إلى المسجد فبات فيه فانطلقوا فلما دخلوا الغار وأرادوا أن يخرجوا من (الجبل) سقط عليهم الغار فقتلهم فانطلق رجل ممن قد اطلع على ذلك منهم فإذا هم رطخ فرجعوا وجعلوا يصيحون في القرية أي عباد الله أما رضي صالح (بأن) أمرهم بقتل أولادهم حتى قتلهم فاجتمع أهل القرية على عقر الناقة.
وقال ابن إسحاق: إنما كان تقاسم التسعة على قتل صالح صلى الله عليه وسلم بعد عقرهم الناقة وإنذار صالح إياهم بالعذاب. ذلك أن التسعة الذين عقروا الناقة قالوا: هلم فلنقتل صالحا وإن كان صادقا عجلنا قتله، وإن كان كاذبا قد ألحقناه بناقته فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله فدفعتهم الملائكة بالحجارة فلما أبطأوا على أصحابهم أتوا منزل صالح فوجدوهم مشتدخين قد رضخوا بالحجارة فقالوا لصالح: أنت قتلتهم، ثم هموا به فقامت عشيرته دونه ولبسوا السلاح. وقالوا لهم: والله لا تقتلونه أبدا وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث فإن كان صادقا لم تزيدوا ربكم إلا غضبا وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك.
قال السدي وغيره: فكان شر مولود يعني قدار وكان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة. ويشب في الشهر شباب غيره في السنة فلما كبر جلس مع أناس يصيبون من الشراب فأرادوا ما يمزجون به شرابهم وكان ذلك اليوم شرب الناقة فوجدوا الماء قد شربته الناقة. فاشتد ذلك عليهم وقالوا في شأن الناقة وشدتها عليهم ونحن ما نصنع باللبن لو كنا نأخذ من هذا الماء الذي تشربه هذه الناقة نسقيه أنعامنا وحروثنا كان خيرا لنا، فقال ابن العاشر هل لكم في أن أعقرها لكم؟
قالوا: نعم.
وقال كعب: كان سبب عقرهم الناقة أن امرأة يقال لها ملكا كانت قد ملكت ثمود فلما أقبل الناس على صالح وصارت الرئاسة إليه حسدته فقالت لامرأة يقال لها قطام وكانت معشوقة قدار بن سالف ولامرأة أخرى يقال لها قبال كانت معشوقة مصدح بن وعد ويقال ابن مهرج، وكان قدار ومصدع يجتمعان كل ليلة معهما ويشربون الخمر فقالت لهما ملكا: إن أتاكم الليلة قدار ومصدع فلا تطيعاهما وقولا لهما: إن الملكة حزينة لأجل الناقة و لأجل صالح فنحن لا
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»