كبر كالنسر أرجف الإنسان مهدود فيه أما تريني (حناتي) الشيب من " * (فأصبحوا في دارهم) *) أي في أرضهم وبلدتهم ولذلك وحد الدار. وقيل: أراد به الديار فوحد كقوله تعالى: " * (إن الإنسان لفي خسر) *) ومعنى " * (جاثمين) *) جامدين (مبتلين) صرعى هلكوا، وأصل الجاثم البارك على الركبة.
قال جرير:
مطايا القدر كالحدأ الجثوم عرفت المنتأى وعرفت منها " * (فتولى) *) أعرض صالح عنهم وقال: " * (يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين) *) وكانت قصة صالح وثمود وعقرهم الناقة سبب هلاكهم على ما ذكره ابن إسحاق والسدي ووهب وكعب وغيرهم من أهل الكتب قالوا: إن عادا لما هلكت وانتهى أمرها عمرت أعمارهم واستخلفوا في الأرض فربوا فيها وعمروا، حتى جعل أحدهم يبني المسكن من (المدر) فينهدم والرجل منهم حي. فلما رأوا ذلك اتخذوا الجبال بيوتا فنحتوهاوجابوها وخرقوها وكانوا في سعة من معائشهم فعتوا على الله وأفسدوا في الأرض وعبدوا غير الله، فبعث الله إليهم صالحا وكانوا فيها عربا كان صالح من أوسطهم نسبا وأفضلهم موضعا.
فبعثه الله تعالى إليهم شابا فدعاهم إلى الله عز وجل حتى شمط وكبر لا يتبعه منهم إلا قليل مستضعفون فلما ألح عليهم صالح بالدعاء والتبليغ وأكثر لهم التحذير والتخويف سألوه أن يريهم آية تكون مصداقا لقوله، قال: أي آية تريدون؟ قالوا: نريد أن تخرج معنا إلى عيدنا هذا وكان اسم عيد يخرجون إليه بأصنامهم في يوم معلوم من السنة فتدعو إلهك وندعو وإن أستجيب لك اتبعناك وإن استجيب لنا اتبعتنا.
فقال لهم صالح: نعم، فخرجوا بأوثانهم إلى عيدهم ذلك وخرج صالح معهم ودعوا أوثانهم وسألوها أن لا يستجاب لصالح في شيء مما يدعو به. ثم قال جندع بن عمرو بن حراش وهو يومئذ سيد ثمود: يا صالح اخرج لنا من هذه الصخرة لصخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها: الكاثبة ناقة مخترجة جوفاء وبراء فالمخترجة ما شاكلت البخت من الإبل، فإن فعلت صدقناك وآمنا بك، فأخذ صالح عليهم مواثيقهم إن فعلت لتصدقنني ولتومنن به، قالوا: نعم.
فصلى صالح ركعتين ودعا ربه فتمخضت الصخرة تمخض النتوج بولدها ثم تحركت الهضبة فانصدعت عن ناقة عشرا وجوفاء وبراء كما سألوا لا يعلم ما بين جنبيها إلا الله عز وجل عظما