وهم ينظرون ثم (نتجت) ثقبا مثلها في العظم. فآمن به جندع بن عمرو ورهط من قومه، وأراد أشراف ثمود أن يؤمنوا به ويصدقوه فنهاهم ذوءاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ورباب بن صمعر وكانوا من أشراف ثمود. وكان لجندع بن عمرو ابن عم يقال له شهاب بن خليفة بن مخلاة بن لبيد فأراد أن يسلم فنهاه أولئك الرهط فأطاعهم فقال رجل من آل ثمود:
إلى دين النبي دعوا شهابا وكانت عصبة من آل عمرو فهم بأن يجيب ولو (أجابا) عزيز ثمود كلهم جميعا وما عدلوا بصاحبهم ذوءابا لأصبح صالح فينا عزيزا تولوا بعد رشدهم ذئابا ولكن الغواة من آل حجر فلما خرجت الناقة قال صالح (عليه السلام): " * (هذه ناقة الله لها شرب ولكم شرب يوم معلوم) *)، فمكثت الناقة ومعها سقيها في أرض ثمود ترعى الشجر وتشرب الماء وكانت ترد الماء سبتا فإذا كان يومها وضعت رأسها في بئر من الحجر يقال لها بئر الناقة فما ترفعها حتى تشرب كل ما فيها لا تدع قطرة ماء فيها ثم ترفع رأسها (فتفسح) يعني تفجج لهم فيحتلبون ما شاؤوا من لبن فيشربون ويدخرون حتى يملأوا أوانيهم كلهم ثم تصدر من (غير) الفج الذي وردت لا تقدر على أن تصدر من حيث وردت لضيقه عنها فلا يرجع منه ثم ترفع رأسها.
قال أبو موسى الأشعري: أتيت أرض ثمود فذرعت مصدر الناقة فوجدته ستين ذراعا، حتى إذا كان الغد كان يومهم فيشربون ما شاؤوا من الماء ويدخرون ماشاؤوا ليوم الناقة، فهم من ذلك في سعة ودعة (وكانت) الناقة تصيف إذا كان الحر بظهر الوادي فتهرب منها أغنامهم وأبقارهم وإبلهم فتهبط إلى بطن الوادي في حره وجدبه.
والمواشي تنفر منها إذا رأتها (تشتو) في بطن الوادي إذا كان الشتاء، فتهرب مواشيهم إلى ظهر الوادي في البرد والجدب. فأضر ذلك بمواشيهم للبلاء والاختبار وكانت مراتعها في ما يزعمون (الجناب) وحسمى، كل ذلك ترعى مع واد الحجر.
فكبر ذلك عليهم فعتوا عن أمر ربهم وحملهم ذلك على عقر الناقة فأجمعوا على عقرها.
وكانت امرأة من ثمود يقال لها عنيزة بنت غنم بن مجلز تكنى أم غنم وهي من بني عبيد ابن المهل، وكانت امرأة ذوءاب بن عمر، وكانت عجوزا مسنة وكانت ذات بنات حسان، وكانت ذات مال من إبل وبقر وغنم، وامرأة أخرى يقال لها: صدوف بنت المحيا بن زهير ابن المحيا سيد بني عبيد وصاحب أوثانهم في الزمن الأول، وكان الوادي يقال له: وادي المحيا