تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ١٨٦
" * (إن الذين يكسبون الإثم سيجزون) *) في الآخرة " * (بما كانوا يقترفون) *) بما يكسبون في الآخرة " * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) *) فاقد) التسمية (ولم يدرك ذكاته أو ذبح لغير الله " * (وإنه) *) يعني الأكل " * (لفسق وإن الشياطين ليوحون) *) ليوسوسون " * (إلى أوليائهم) *) من المشركين " * (يجادلوكم) *). وذلك إن المشركين قالوا: يا محمد أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها؟ قال: الله قتلها. قالوا: فتزعم إن ما قتلت أنت وأصحابك حلال وما قتل الصقر والكلب حلال وما قتله الله حرام؟ فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
وقال عكرمة: معناه ولي الشياطين يعني مردة المجوس ليوحون إلى أوليائهم من مشركي قريش وكانوا أولياءهم في الجاهلية وذلك أن المجوس من أهل فارس لما أنزل الله تعالى تحريم الميتة كتبوا إلى مشركي قريش وكانت بينهم مكاتبة إن محمدا وأصحابه يزعمون إنهم يتبعون أمر الله ثم يزعمون إن ما ذبحوا فهو حلال، وما ذبحه الله فهو حرام ولا يأكلونه، فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء فأنزل الله تعالى هذه الآية " * (وإن أطعتموهم) *) في أكل الميتة " * (إنكم لمشركون) *) قوله تعالى " * (أومن كان ميتا فأحييناه) *) هو ألف الاستفهام والتقدير دخلت على واو النسق فبقيت على فتحها يعني أومن كان كافرا ميتا بالضلالة فهديناه واجتبيناه بالإيمان " * (وجعلنا له نورا) *) يستضيء به " * (ويمشي به في الناس) *) على قصد السبيل ومنهج الطريق.
قال ابن زيد: يعني بهذا النور الإسلام نيابة قوله " * (يخرجهم من الظلمات إلى النور) *).
وقال قتادة: هذا المؤمن معه من الله نورا وبينة يعمل بها ويأخذ وإليها ينتهي كتاب الله " * (كمن مثله في الظلمات) *).
قال بعضهم: المثل زائد تقديره كمن في الظلمات.
وقال بعضهم: معناه كن أو شبه بشيء كان يشبهه من في الظلمات من ظلمة الكفر والجهل والضلالة والمسير.
" * (ليس بخارج منها) *) لا يبصر شيئا ولا يعرف طريقا كالذي ضل طريقه في ظلمة الليل فهو لا يجد مخرجا ولا يهتدي طريقا.
وقيل: إن هذه الآية نزلت في رجلين بأعيانهما، ثم اختلفوا فيهما.
فقال ابن عباس: أومن كان (ميتا) فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس. يريد حمزة بن عبد المطلب كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها. أبو جهل، وذلك إن أبا جهل رمى النبي صلى الله عليه وسلم بالحجارة وحمزة لم يؤمن بعد فأخبر حمزة بما فعل أبو جهل وهو راجع من قنصه وبيده قوس، فأقبل غضبان حتى علا أبا جهل بالقوس وهو يتضرع كعبد مسكين يقول: يابا يعلى أما ترى ما جاء به سفه عقولنا وسب آلهتنا وخالف أبانا
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»