تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ١٨١
وقرأ الباقون: بالياء على الخبر وتصديقها قراءة الأعمش إنها إذا جاءتهم لا يؤمنون " * (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) *).
قال ابن عباس وابن زيد: يعني نحول بينه وبين الإيمان. ولو جئناهم بالآيات التي سألوا ما آمنوا بها كما لم يؤمنوا بالتي قبلها مثل انشقاق القمر وغيره عقوبة لهم على ذلك.
وقيل: كما لم يؤمنوا به في الدنيا قبل مماتهم. نظيره قوله تعالى " * (ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه) *) * * (ونذرهم) *) قرأ أبو رجاء: ويذرهم بالياء. وقرأ النخعي: ويقلب ويذرهم كلاهما بالياء " * (في طغيانهم يعمهون ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة) *) فرأوهم عيانا " * (وكلمهم الموتى) *) بإحيائنا إياهم فشهدوا لك بالنبوة كما سألوا " * (وحشرنا) *) وجمعنا " * (عليهم كل شيء قبلا) *) بكسر القاف وفتح الباء أي معاينة وهي قراءة أكثر القراء، قرأ أبو جعفر: التي في الأنعام قبلا بالكسر والتي في الكهف قبلا عيانا بالضم. أبو عمرو بالنصب وكذلك اختار أبو عبيد وأبو حاتم لأنها في قراءة أبي قبيلا بجمعها القبل. والتي في الكهف قبلا يعني عيانا.
وقرأ أهل الكوفة: بضم القاف والباء، ولها ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون جمع قبيل وهو الكفيل أي ضمنا وكفلا. والقبالة الكفالة، يقال: قبيل وقبل مثل رغيف ورغف، وقضيب وقضب.
والثاني: جمع قبيل هو القبيلة يعني فوجا فوجا وصنفا صنفا.
والثالث: أن يكون بمعنى المقابلة والمواجهة من قول القائل: أتيتك قبلا لا دبرا إذا أتاه من قبل وجهه " * (ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) *) ذلك لهم. وقيل: الاستثناء لأهل السعادة الذين سبق لهم في علم الله الإيمان " * (ولكن أكثرهم يجهلون) *) إن ذلك كذلك " * (وكذلك جعلنا) *) يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم يعني كما أتيناك بهؤلاء القوم وكذلك جعلنا " * (لكل نبي) *) قبلك " * (عدوا) *) أعداء وفسرهم فقال " * (شياطين الإنس والجن) *).
عكرمة والضحاك والسدي والكلبي: معناه: شياطين الإنس التي مع الإنس وشياطين الجن التي مع الجن وليس للإنس شياطين.
وذلك أن إبليس قسم جنده فريقين، بعث منهم فريقا إلى الإنس وفريقا إلى الجن، شياطين الإنس والجن فهم ملتقون في كل حين، فيقول شيطان الإنس لشيطان الجن أضللت صاحبي بكذا فاضل صاحبك بمثله، ويقول شيطان الجن لشيطان الإنس كذلك فذلك يوحي بعضهم إلى بعض.
وقال آخرون: إن من الإنس شياطين ومن الجن شياطين، والشيطان: العاتي المتمرد من كل شيء
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»