تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ١٩٠
وبعد ذلك " * (سلام قولا من رب رحيم) *). فلما كان حالات أهل الجنة مقرونة بالسلام إما من الخلق وإما من الحق سماها الله دار السلام " * (وهو وليهم) *) ناصرهم ومعينهم " * (بما كانوا يعملون) *).
قال الحسن بن الفضل: يعني يتولاهم في الدنيا بالتوفيق وفي الآخرة بالجزاء. " * (ويوم يحشرهم جميعا) *) الجن والإنس يجمعهم في يوم القيامة فيقول: " * (يا معشر الجن والإنس قد استكثرتم من الإنس) *) أي من إضلال الناس وإغوائهم " * (وقال أولياؤهم من الإنس) *) الذين أطاعوهم " * (ربنا استمتع بعضنا ببعض) *).
قال الكلبي: استمتاع الإنس بالجن. هو أن الرجل إذا سافر أو خرج فمشى بأرض قفر أو أصاب صيدا من صيدهم فخاف على نفسه منهم. فقال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه فيثبت جواز منهم، واستمتاع الجن بالإنس هو أن قالوا: قد سدنا الإنس مع الجن حتى عاذوا بنا فيزدادون شرفا في قومهم وعظما في قومهم وهذا معنى قوله تعالى " * (وإنه كان رجال من الإنس) *). الآية.
وقال محمد بن كعب وعبد العزيز بن يحيى: هو طاعة بعضهم بعضا وموافقة بعضهم بعضا وقيل: استمتاع الإنس بالجن بما كانوا يأتون إليهم. من الأراجيف والسحر والكهانة، فاستمتاع الجن بالإنس إغراء الجن الإنس واتباع الإنس إياهم " * (وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) *) يعني الموت والبعث. قال الله تعالى " * (قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله) *) يعني قدر مدة ما بين بعثهم إلى دخولهم جهنم.
قال ابن عباس: هذا الاستثناء هو أنه لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه لا يولهم جنة ولا نارا.
وقال الكلبي: إلا ما شاء الله وكان ما شاء الله أبدا.
وقيل: معناه النار مثواكم خالدين فيها سوى ما شاء الله من أنواع العذاب وقيل: إلا ما شاء الله من إخراج أهل التوحيد من النار.
وقيل: إلا ما شاء الله أن يزيدهم من العذاب فيها.
وقيل: إلا ما شاء الله من كونهم في الدنيا بغير عذاب.
وقال عطاء: إلا ما شاء الله من الحق في عمله أن يؤمن فمنهم من آمن من قبل الفتح ومنهم من آمن من بعد الفتح.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»