تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٧
" * (إن ترك خيرا) *) مالا، نظيره قوله " * (وماتنفقوا من خير) *) * * (الوصية) *) في رفعها وجهان: أحدهما: اسم مالم يسم فاعله وهو قوله (كتب)، والثاني: خبر حرف الصفة، وهو اللام في قوله " * (للوالدين والأقربين بالمعروف) *) يعني لا يزيد على الثلث ولايوصي للغني ويدع الفقير. كما قال ابن مسعود: الوصية للأخل فالأخل أي الأحوج فالأحوج.
" * (حقا) *) واجبا، وهو نصب على المصدر أي حق ذلك حقا وقيل: على المفعول أي جعل الوصية حقا، وقيل: على القطع من الوصية.
" * (على المتقين) *) المؤمنين، واختلف العلماء في معنى هذه الآية:
فقال قوم: كانت الوصية للوالدين والأقربين، فرضا واجبا على من مات، وله مال حتى نزلت آية المواريث في سورة النساء فنسخت الوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون، وبقى فرض الوصية للأقرباء الذين لا يرثون والوالدين الذين لايرثان بكفر أو رق على من كان له مال. فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية فقال: (الآن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث فبين إن الميراث والوصية لا يجتمعان).
فآية المواريث هي لنا حجة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبين هذا قول ابن عباس وطاووس وقتادة والحسن ومسلم بن يسار والعلاء بن زياد والربيع وابن زيد.
قال الضحاك: من مات ولم يوص لذي قرابته فقد ختم عمله بمعصية، وقال طاووس: من أوصى لقوم وسماهم، وترك ذوي قرابته محتاجين (أنتزعت) منهم وردت إلى ذوي قرابته.
وقال آخرون: بل نسخ ذلك كله بالميراث فهذه الآية منسوخة ولا يجب لأحد وصية على أحد قريب ولابعيد. فإن أوصى فحسن، وأن لم يوص فلا شيء عليه، وهذا قول علي وابن عمر وعائشة وعكرمة ومجاهد والسدي.
قال شريح في هذه الآية. كان الرجل يوصي بماله كله حتى نزلت آية المواريث.
وقال عروة بن الزبير: دخل علي (رضي الله عنه) على مريض يعوده فقال: إني أريد أن أوصي. فقال عليج: إن الله تعالى يقول " * (إن ترك خيرا) *) وإنما يدع شيئا يسير فدعه لعيالك إنه أفضل.
وروى أيوب عن نافع عن ابن عمر: إنه لم يوص فقال: أما مالي والله أعلم ما كنت أصنع به في الخلوة وأما رباعي لن يشرك ولدي فيها أحد
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»