تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٦٢
فقال: صام النهار إذا اعتدل، وقام قائم الظهيرة؛ لأن الشمس إذا طلعت في كبد السماء وقفت فأمسكت عن السير سريعة. قال امرؤ القيس:
فدع ذا وسل الهم عنك بحسرة ذمول إذا صام النهار وهجرا وقال الراجز:
حتى إذا صام النهار واعتدل وسال للشمس لعاب فنزل ويقال للرجل إذا صمت وأمسك عن الكلام: صام.
قال الله تعالى: " * (إني نذرت للرحمان صوما) *): أي صمتا.
فالصوم: هو الإمساك عن المعتاد من الطعام والشراب والجماع.
" * (كما كتب على الذين من قبلكم) *) من الأنبياء والأمم وأولهم آدم ج، وهو ما روى عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي (رضي الله عنه) قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم عند انتصاف النهار وهو في الحجر، فسلمت عليه فرد علي النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: (يا علي هذا جبرئيل يقرئك السلام. فقلت: عليك وعليه السلام يا رسول الله لم؟
قال: أدن مني، فدنوت منه فقال: يا علي يقول لك جبرئيل: صم كل شهر ثلاثة أيام يكتب لك بأول يوم عشرة آلاف (سنة) وباليوم الثاني ثلاثين ألف (سنة) وباليوم الثالث مائة ألف (سنة).
فقلت: يا رسول الله هذا ثواب لي خاصة أم للناس عامة؟ قال: يا علي يعطيك الله هذا الثواب ولمن يعمل مثل عملك بعدك. قلت: يا رسول الله وما هي؟
قال: أيام البيض: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر).
قال عنترة: قلت لعلي (رضي الله عنه): لأي شيء سميت هذه الأيام البيض؟
قال: لما أهبط آدم ج من الجنة إلى الأرض أحرقته الشمس. فاسود جسده ثم صام اليوم الثالث. فأتاه جبرئيل فقال: يا آدم أتحب أن يبيض جسدك؟
قال: نعم، قال: فصم من الشهر ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر فصام آدم ج أول يوم فابيض ثلث جسده، ثم صام اليوم الثاني فابيض ثلثا جسده، ثم صام اليوم الثالث فابيض جسده كله فسميت أيام البيض.
قال المفسرون: فرض الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين صوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر حين قدم المدينة فكانوا يصومونها إلى أن نزل صيام شهر رمضان قبل قتال بدر
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»