تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٩
لقول الناس: أوصيكم بتقوى الله.
قال أبو حاتم: قرأتها بمكة بالتشديد أول ليلة أقمت فعابوها علي.
وقرأ الباقون: موص بالتشديد واختاره أبو عبيد كقوله: * (ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى) * * (جنفا) *) جورا وعدولا من الحق من الحق والجنف: الميل في الكلام والأخذ كلها يقال: جنف وأجنف وتجانف إذا مال. قال لبيد:
إني أمرؤ منعت أرومة عامر ضيمي وقد جنفت علي خصوم وقال آخر:
هم أقول وقد جنفوا علينا وانا من لقاءهم أزور وقال عليج: حيفا بالحاء والياء أي ظلما.
قال الفراء: الفرق بين الجنف والحيف: أن الجنف عدول عن الشيء والحيف: حمل الشيء حتى ينتقصه وعلى الرجل حتى ينتقص حقه.
يقال: فلان يتحوف ماله أي ينتقصه مني حافاته.
وقال المفسرون: الجنف: الخطأ، والأثم: العمد، واختلفوا في معنى الآية وحكمها فقال قوم: تأويلها من حضر مريضا وهو يوصي فخاف أن (يحيف) في وصيته فيفعل ما ليس له أو تعمد جورا فيها فيأمر بما ليس له، فلا حرج على من حضره أن يصلح بينه وبين ورثته بأن يأمره بالعدل في وصيته، وينهاه عن الجنف فينظر للموصي وللورثة، وهذا قول مجاهد: هذا ممن يحضر الرجل وهو يموت. فإذا أسرف أمره بالعدل وإذا قصر قال: أفعل كذا أعط فلانا كذلك.
وقال آخرون: هو إنه إذا أخطأ الميت وصيته أو خاف فيها متعمدا فلا حرج على وليه أو وصيه أو والي أمر المسلمين أن يصلح بعد موته بين ورثته وبين الموصي لهم، ويرد الوصية إلى العدل والحق، وهذا معنى قول ابن عباس وقتادة وإبراهيم والربيع.
وروى ابن جريج عن عطاء قال: هو أن يعطي عند حضور أجله بعض ورثته دون بعض مما سيرثونه بعد موته. فلا إثم على من أصلح بين الورثة.
طاوس: (الحيف) وهو أن يوصي لبني ابنه يريد ابنه أو ولد أبنته يريد ابنته، ويوصي لزوج ابنته ويريد بذلك ابنته، فلا حرج على من أصلح بين الورثة.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»