الرجل منهم، وبالرجل منا الرجلين منهم، وجعلوا جراحاتهم ضعفي جراحات أولئك وهم كذا يعاملونهم في الجاهلية. فرفعوا أمرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأمرهم بالمساواة فرضوا وسلموا.
السدي وجماعة: نزلت هذه الآية في الديات؛ وذلك إن أهل حزبين من العرب أقتتلوا؛ أحدهما مسلم والآخر معاهد. فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم بأن يجعل ديات النساء من كل واحد من الفريقين قصاصا بديات النساء من الفريق الآخر، وديات الرجال بالرجال، والعبيد بالعبيد، فأنزل " * (يا آيها الذين آمنوا كتب) *) فرض وكتب عليكم في القتلى، والقصاص: المساواة والمماثلة في النفوس والجروح والديات، وأصله من قص الأثر إذا اتبعه فكان المفعول به يتبع ما عمل به فيعمل مثله، ثم بين فقال: " * (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) *).
ذكر حكم الآيات إذا تكافأ الدمان من الأحرار المسلمين أو العبيد من المسلمين، أو الأحرار من المعاهدين أو العبيد منهم قتل من كل صنف منهم: الذكر إذا قتل منهم بالذكر، والأنثى إذا قتلت بالأنثى، والذكر والإجماع واقع إن الرجل يقتل بالمرأة لأنهما يتساويا في الحرمة والميراث وحد الزنى والقذف وغير ذلك؛ فلذلك يجب أن يستويا في القصاص ولا يقتل الحر بالعبد وعليه قيمته وإن بلغت (ثلث)؛ لما بينهما من المفاضلة، ولا يقتل مؤمن بكافر. بدليل ما روى الشعبي عن أبي حجيفة قال: سألت عليا كرم الله وجهه هل عندكم من النبي صلى الله عليه وسلم سوى القرآن؟
فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يعطي الله عز وجل عبدا فهما في كتابه وما في الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة؟
قال: العقل وفكاك الأسير، وأن لايقتل مسلم بكافر، ولا يقتل (سيد) بعبده، ولا والد بولده.
يدل عليه ما روى إن رجلا اسمه قتادة رمى ابنه بسيف فأصاب رجله فنزف فمات. فقال عمر (رضي الله عنه): لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لايقاد والد بولده، وإلا قدته به.
" * (فمن عفي له من أخيه شيء) *) أي ترك وله وصفح عنه من الواجب عليه وهو القصاص، وروي عن علي (رضي الله عنه) إنه قتل ثلاثة بواحد في قتل العمد هذا قول أكثر المفسرين قالوا: العفو أن يقبل الدية في قتل العمد، وقال السدي: هو أن يبقى له بقية من دية أخيه أو من أرش جراحته