تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٤٦
رخصة له ولا كرامة فأما إذا خرج مطيعا ومباحا له ذلك فإنه يرخص فيه له وهذا قول: مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والكلبي ويمان وهو مذهب الشافعي، قال: إذا أبحنا له ذلك فقد أعناه على فساده وظلمه إلى أن يتوب ولايستبيح ذلك وقال آخرون: هذا البغي والعدوان راجعان إلى الاكل واليه ذهب أبو حنيفة وأباح تناول الميتة للمضطر وإن كان عاصيا.
ثم اختلف أهل التأويل في تفصيل هذه التفسير:
فقال الحسن وقتادة والربيع وابن زيد: غير باغ: يأكله من غير اضطرار، ولا عاد: متعدي يتعدى الحلال إلى الحرام فيأكلها وهو غني عنها.
مقاتل بن حيان: غير باغ: أي مستحل لها، ولاعاد: متزود منها.
السدي: غير باغ في أكله شهوة فيأكلها ملذذا، ولا عاد يأكل حتى يشبع منه؛ ولكن يأكل منها قوتا مقدار ما يمسك رمقا.
شهر بن حوشب: غير باغ: أي مجاوز للقدر الذي يحل له، ولا عاد ولا يقصر فيما يحل له فيدعه ولا يأكله.
قال مسروق: بلغني إنه من اضطر إلى الميتة فلم يأكلها حتى مات دخل النار، وقد اختلف الفقهاء في مقدار مايحل للمضطر أكله من الميتة.
فقال بعضهم: مقدار مايمسك به رمقه، وهو أحد قولي الشافعي واختيار المزني.
والقول الآخر: يأكل منها حتى يشبع، وقال مقاتل بن حيان: لا يزداد على ثلاث لقم.
وقال سهل بن عبد الله: غير باغ مفارق لجماعة، ولا عاد مبتدع مخالف لسنة، ولم يرخص للمبتدع تناول المحرمات عند الضرورات.
" * (فلا إثم عليه) *) فلا حرج عليه في أكلها.
" * (إن الله غفور) *) لما أكل من الحرام في حال الاضطرار.
" * (رحيم) *) به حيث رخص له في ذلك.
" * (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب) *) الآية.
قال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: سئلت الملوك اليهود قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم عن الذي يجدونه في التوراة فقالت اليهود: إنا لنجد في التوراة إن الله عز وجل يبعث نبيا من بعد المسيح يقال له: محمد، يحرم الزنى والخمر والملاهي وسفك الدماء، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ونزل المدينة قالت الملوك لليهود: أهذا الذي تجدون في كتابكم؟ فقالت اليهود طمعا في أموال الملوك: ليس هذا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم الملوك الأموال، فأنزل الله تعالى هذه الآية
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»