تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٨١
في الربا. قال عمر ح: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثل بمثل، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثل بمثل، ولا تبيعوا الذهب بالذهب أحدهما غائب والآخر حاضر، وإن استنظرك حتى يلج بيته فلا تنظره إلا يدا بيد هات وهذا أني أخاف عليكم الربا.
قالوا: وقياس كتابته بالياء لكسرة أوله، وقد كتبوه في القرآن بالواو. قال الفراء: إنما كتبوه كذلك لأن أهل الحجاز تعلموا الكتابة من أهل الحيرة ولغتهم الربوا، فعلموهم صورة الحرف على لغتهم فأخذوه كذلك عنهم. وكذلك قرأها الضحاك (الربوا) بالواو.
وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة مكان كسرة الراء. وقرأ الباقون بالتفخيم بفتحة الباء، قالوا: اليوم فأنت فيه (بالخيار إن شئت) كتبته على ما في المصحف موافقة له، وإن شئت بالياء وإن شئت بالألف. ومعنى قوله " * (الذين يأكلون الربا) *) (يأكلونه) حق الأكل لأنه معظم الأمر.
والربا في أربعة أشياء: الذهب، والفضة، والمأكول، والمشروب. فلا يجوز بيع بعضها ببعض إلا مثلا بمثل ويدا بيد، وإذا اختلف الصنفان جاز التفاضل في النقد وحرم في النسيئة، ولا يجوز صاع بر بصاعين لا نقدا ولا نسيئة لأنهما جنس واحد، وكذلك الذهب بالذهب مثقال باثنين لا نقدا ولا نسية، وكذلك الفضة بالفضة، وكذلك صاع بر بصاعين شعير وصاع شعير بصاعين بر نقدا ولا يجوز نسيئة. ويجوز مثقال بعشرين درهما أو أقل أو أكثر نقدا ولا يجوز نسيئة، وجماع ما شايع الناس عليه ثلاثة أشياء: أحدهما: ما يعتدي به مما كان مأكولا أو مشروبا. والثاني: ما كان ثمنا للأشياء وقيمة للمتلفات وهو الذهب والفضة فهذان فيهما الربا فلا يجوز بيع شيء متفاضلا نقدا ونسيئة، والصنف الثالث: ما عدا هذين مما لا يؤكل ولا يشرب ولا يكون ثمنا، فلا ربا فيه فيجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا نقدا ونسيئة. فهذا جملة القول فيما فيه الربا على مذهب الشافعي.
وقال مالك: كل ثمن أو يقتات أو ما يصلح به القوت فهو الذي فيه الربا.
وقال أهل العراق: كل مكيل أو موزون فيه الربا. وقال أهل الحجاز ما روي محمد بن سيرين عن مسلم بن يسار وعبد الله بن عبك قالا: جمع المنزل بين عبادة بن الصاحب ومعاوية، فقال عبادة: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالذهب والورق بالورق والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر، وقال أحدهما: والملح بالملح، وقال الآخر: إلا مثلا بمثل ويدا بيد، وأمرنا أن نبيع الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر ويدا بيد كيف شئنا. قال أحدهما: فمن ناد أو ازداد فقد أربى
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»