قوله تعالى: " * (لا يقومون) *) يعني يوم القيامة من قبورهم " * (إلا كما يقوم الذي يتخبطه) *) أي يصرعه ويخبطه " * (الشيطان) *) وأصل الخبط الضرب والوطء ويقال ناقة خبوط، التي تطأ الناس وتضرب بقوائمها الأرض. قال زهير:
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطي يعمر فيهرم " * (من المس) *) الجنون. يقال: مس الرجل وألس فهو ممسوس ومالوس، إذا كان مجنونا، وأصله مس الشيطان إياه. ومعنى الآية: إن آكل الربا يبعثه الله يوم القيامة مجنونا () وذلك علامة أهل الربا يبعثون وفيهم خبل من الشيطان. قاله قتادة.
أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة الإسراء، قال: (فانطلق بي جبرائيل إلى رجال كثير كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم متصدين على سابلة آل فرعون وآل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا.
قال: فيقبلون مثل الإبل المنهومة يخبطون الحجارة (لا يسمعون ولا يعقلون) فإذا أحس بهم أصحاب تلك البطون قاموا فتميل بهم بطونهم فيصرعون، ثم يقوم أحدهم فتميل بطنه فيصرع فلا يستطيعون أن يبرحوا حتى يغشاهم آل فرعون فيطؤونهم مقبلين ومدبرين فذلك عذابهم في البرزخ بين الدنيا والآخرة). قال: (وآل فرعون يقولون اللهم لا تقم الساعة أبدا قال: ويوم يقال لهم: " * (ادخلوا آل فرعون أشد العداب) *) قال: قلت: يا جبرائيل من هؤلاء؟
قال: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس).
حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي الصلت عن أبي هريرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسري به رأى في السماء رجالا بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى خارج بطونهم فقلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟
قال: هؤلاء أكلة الربا " * (ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا) *) أي ذلك الذي نزل بهم لقولهم هكذا واستحلالهم إياه.
وذلك إن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا أجل ماله على غريمه فطالبه بذلك يقول الغريم لصاحب الحق: زدني في الأجل وامهلني حتى أزيدك في مالك فيفعلان ويقولان: سواء علينا الزيادة في أول البيع بالربح أو عند محل المال لأجل التأخير. فكذبهم الله تعالى فقال: " * (وأحل