تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٧
شاة ذبحنا شاة لا نريد أن تزيد على المائة).
" * (الجاهل) *) بأمرهم وحالهم " * (أغنياء من التعفف) *) من تعففهم عن السؤال، والتعفف: (التفعل) من العفة وهو الترك، يقال: عف عن الشيء إذا كف عنه، وعفيف إذا تكلف في الإمساك.
قال رؤبة:
فعف عن إسرارها بعد الغسق وقال محمد بن الفضل: يمنعهم علو همتهم رفع جوابهم إلى مولاهم.
" * (تعرفهم بسيماهم) *) قرأ حمزة والكسائي بالإمالة. الباقون بالتفخيم، والسيما والسيميا: العلامة التي يعرف بها الشيء، وأصلها من السمة، واختلفوا في السيميا التي يعرفون بها.
فقال مجاهد: هو التخشع والتواضع. الربيع والسدي: أثر الجهد من الحاجة والفقر. الضحاك: صفرة ألوانهم من الجوع والضر، ابن زيد: رثاثة ثيابهم فالجوع خفي على الناس، يمان: النحول والسكينة. الثوري: فرحهم بفقرهم واستقامة أحوالهم عند موارد البلاء عليهم، (المرتضى): غيرتهم على فقرهم وملازمتهم إياه. أبو عثمان: إيثار ما يملكون مع الحاجة إليه.
قال بعضهم: تطيب قلوبهم وبشاشة وجوههم وحسن حالهم ونور اسرارهم وجولان أرواحهم في ملكوت ربهم.
" * (لا يسألون الناس إلحافا) *) قال عطاء: يعني إذا كان عنده غداء لا يسأل عشاء، فإذا كان عنده عشاء لم يسأل غداء. وقال أهل المعاني: لا يسألون الناس إلحافا ولا غير إلحاف لأنه قال من التعفف، والتعفف ترك السؤال أصلا وقال أيضا: " * (تعرفهم بسيماهم) *) ولو كانت المسألة من شأنهم لما كان (للنبي صلى الله عليه وسلم إلى معرفتهم بالعلامة والدلالة حاجة، إذ السؤال يغني عن حالهم وهذا كما قلت في الكلام: قال ما رأيت مثل هذا الرجل، ولعلك لم تر مثله قليلا ولا كثيرا، قال الله عز وجل " * (فقليلا ما يؤمنون) *) وهم كانوا لا يؤمنون قليلا ولا كثيرا.
وأنشد الزجاج:
على لا حب لا يهتدى لمنارة إذا ساقه العود النباطي جرجرا
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»