تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٦
على آخرها، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يجيء فقراء المهاجرين يوم القيامة للحساب فيقولون هل أعطيتمونا شيئا فتحاسبوننا عليه فيدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمس مائة عام، حتى إن الرجل من الأغنياء ليدخل في غمارهم فيؤخذ فيستخرج، فأراد عمر أن يجعلني ذلك الرجل وما يسرني إني كنت ذلك الرجل وإن لي الدنيا وما فيها).
" * (أحصروا في سبيل الله) *) أي حبسوا ومنعوا في طاعة الله " * (لا يستطيعون ضربا) *) سيرا " * (في الأرض) *) وتصرفا فيها للتجارة وطلب المعيشة، نظيره قوله تعالى: " * (وآخرون يضربون في الأرض) *).
قال الشاعر:
قليل المال يصلحه فيبقى ولا يبقى الكثير مع الفساد وحفظ المال أيسر من بغاه (وضرب) في البلاد بغير زاد قال قتادة: معناه: حبسوا أنفسهم في سبيل الله عز وجل للغزو والعبادة فلا يستطيعون ضربا في الأرض ولا يتفرغون إلى طلب المعاش. وقال ابن زيد: من كثرة ماجاهدوا لا يستطيعون ضربا في الأرض، فصارت الأرض كلها حربا عليهم لا يتوجهون جهة إلا ولهم فيها عدو.
وقال سعيد: هؤلاء قوم أصابتهم جراحات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصاروا زمنى فأحصرهم المرض والزمانة عن الضرب في الأرض، واختاره الكسائي، قال: أحصروا من المرض، فلو أراد الحبس لقال: حصروا، وإنما الإحصار من الخوف أو المرض، والحصر الحبس في غيرهما.
" * (يحسبهم) *) قرأ الحسن وأبو جعفر وشيبة والأعمش وحمزة وعاصم يحسب وبابه بفتح السين في جميع القرآن.
والباقون بالكسر. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم وقيل إنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم عن عاصم بن لقبط بن صبرة عن أبيه وافد بني المشفق قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي فذكر حديثا فقال صلى الله عليه وسلم للراعي: (أذبح لنا شاة)، ثم قال: (لا تحسبن أنا أنما ذبحناها من أجلكم ولم يقل يحسبن أنا إنما ذبحناها لك، ولكن لنا مائة من الغنم فإذا زادت
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»