تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٢
واختلف العلماء في وجوب الكتابة على الكاتب والشهادة على الشاهد، فقال مجاهد والربيع: واجب على الكاتب أن يكتب إذ أمر. وقال الحسن: ذلك في الموضع الذي لا يقدر فيه على كاتب غيره فيضر صاحب الدين إن امتنع، فإذا كان كذلك فهو فريضة، وإن قدر على كاتب غيره فهو في سعة إذا قام به غيره.
وقال الضحاك: كانت هذه عزيمة واجبة على الكاتب والشاهد فنسخها قوله: " * (ولا يضار كاتب ولا شهيد) *). السدي: هو واجب عليه في حال فراغه.
" * (وليملل الذي عليه الحق) *). المديون والمطلوب يقر على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه، والإملال والاملاء لغتان فصيحتان جاء بهما القرآن.
قال الله تعالى: " * (فهي تملى عليه بكرة وأصيلا) *).
أصل الإملال: إعادة الشيء مرة بعد مرة والإلحاح عليه. قال الشاعر:
ألا يا ديار الحي بالسبعان أمل عليها بالبلى الملوان ثم خوفه فقال: " * (وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا) *). أي لا ينقص من الحق الذي عليه شيئا، يقال: بخسه حقه وبخسه إذا أنقصه ونظائرها في القرآن كثيرة.
" * (فإن كان الذي عليه الحق) *). يعني وإن كان المطلوب الذي عليه المال " * (سفيها) *). جاهلا بالمال. قاله مجاهد، وقال الضحاك والسدي: طفلا صغيرا " * (أو ضعيفا) *). أو شيخا كبيرا. السدي وابن زيد: يعني عاجزا أحمق " * (أو لا يستطيع أن يمل هو) *). لخرس أو عي أو غيبة أو عجمة أو زمانة أو حبس لا يمكنه حضور الكتاب أو جهل ماله عليه " * (فليملل وليه) *). أي قيمه ووارثه.
ابن عباس والربيع ومقاتل: يعني فليملل ولي الحق وصاحب الدين لأنه أعلم بدينه " * (بالعدل) *) بالصدق والحق والإنصاف " * (واستشهدوا) *). هذا السين للسؤال والطلب " * (شهيدين) *). شاهدين " * (من رجالكم) *). يعني الأحرار البالغين دون العبيد والصبيان ودون أحرار الكفار. وهذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وسفيان وأكثر الفقهاء.
وأجاز شريح وابن سيرين بشهادة العبد وهو قول أنس بن مالك. وأجاز بعضهم شهادتهم في الشيء التافه. " * (فإن لم يكونا رجلين) *). يعني فإن لم يكن الشاهدان رجلين " * (فرجل وامرأتان) *). أو فليشهد رجل وامرتان
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»