وقال ابن عطاء رحمة الله عليه: المجاهدة هي صدق الافتقار إلى الله بالانقطاع عن كل ما سواه.
قال النهرجوري: والذين جاهدوا في خدمتنا لنفتحن عليهم سبل المناجاة معنا والأنس بنا والمشاهدة لنا ومن لم يكن أوائل أحواله المجاهدة كانت أيامه وأوقاته موصولة بالتواني والأماني ويكون حظه البعد من حيث تأمل القرب.
وقال عبد الله بن المبارك: المجاهدة علم آداب الخدمة لا المداومة عليها وأدب الخدمة أعز من الخدمة.
قال بعضهم: الجهد في غض البصر وحفظ اللسان وخطرات القلوب وجملة ذلك هو الخروج من عادات البشرية.
وقيل في قوله: * (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) * [الآية: 69].
قال القيم: كل مجاهدة في الله كانت قبل الإيمان فهي حقيقة وكل مجاهدة بعد الإيمان بالله فهي باطلة.
قوله تعالى: * (لنهدينهم سبلنا) * أي: بينا لهم انه ليس بالإيمان والمجاهدات يتقرب إلى الله به بطلب سبيل المجاهدة. وقوله: * (لنهدينهم) * انه من الله كله لا من العبد لأن المجاهدة هو الذي اجرى عليهم قبله سئل السياري المجاهدة من العبد إلى الله أو من الله إلى العبد؟ قال: ما من شيء إلا والله موجدة قال الله: * (والله خلقكم وما تعملون) * أي أوجدكم وأوجد أعمالكم بلا شريك ولا عون فالخلق قائمون بالحق.
قال ابن عطاء رحمة الله عليه: سر مجرد مسائلة مع الحق بإسقاط الكل عنه.
قال محمد بن خفيف: كل محتمل لثقل العبودية في اختلاف ما وضع الله من فرض وفضل فهو داخل في أحوال المجاهدة.
وقال أيضا: اللبيب من العقلاء من يعمل في تصفية قلبه من كل همه وانفراده بإصلاح ما هو أولى به في الحال بدوام المجاهدة واستعمال الرياضة وشدة الحراسة ومفارقة ما كانت النفوس عليها عاكفة لحقيقة المجاهدة لأن الله يقول: * (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) *.