تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ١٢٦
قوله تعالى: * (والله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم..) * [الآية: 40].
قال الحسين: خلقكم بقدرته ورزقكم معرفته وأماتكم عن الأعيان واحياكم به.
وقال: الرزق في الدنيا الحياة واللذة ثم الشهوة والعيش والرزق في الآخرة المغفرة والرضوان ثم تكون بعدهما الدرجات.
وقال الواسطي رحمة الله عليه: أي جركم إلى جميع ما قصد بكم ثم يميتكم ثم يحييكم بالاستثارة والتجلي ثم رزقكم الطاعة والعلم به ثم يميتكم عما سبق منه إليكم ثم يحييكم - أي ينبهكم عن أوائلكم - ثم إليه ترجعون تحت أسر القوة.
قال ابن عطاء رحمة الله عليه: رزقكم العلم به والرجوع إليه.
وقال أبو يعقوب السوسي: رزقكم خدمته والإقبال عليه.
قال سهل: أفضل رزق العبد سكونه مع رازقه. وقال جعفر: خلقكم ثم رزقكم جر كلكم إلى إظهار الربوبية فيكم ثم يميتكم ثم يحييكم بالاستثارة والتجلي.
قال أبو الحسين الوراق: أخبر الله عن ابتداء خلقك انه خلقك ثم أخبرك انه سواك ثم أخبر انه رزقك ثم أخبر عن فنائك انه يميتك ثم أخبر عن بعثك انه يحييك فهو الأول في خلقك ورزقك وموتك وحياتك لترجع إليه في جميع مهماتك ولا تخرج عن سواه فإنه لا يقدر أحد على هذه الأحوال غيره وحاجات الخلق قائمة إليه كحاجتك فاعبد من يملك كشف الضر عنك. وقال شقيق في قوله: * (والله الذي خلقكم ثم رزقكم..) * الآية. قال: كما لا تستطيع أن تزيد في خلقك ولا في حياتك كذلك لا تستطيع أن تزيد في رزقك فلا تتعب نفسك في طلب الرزق.
قوله تعالى: * (ظهر الفساد في البر والبحر) * [الآية: 41].
قال الواسطي رحمة الله عليه: البر النفس والبحر القلب. وفساد النفس متعلق بفساد القلب فمن لم يعمل في اصلاح قلبه بالتفكر والمراقبة وفي اصلاح نفسه بأكل الحلال ولزوم الأدب ظهر الفساد في ظاهرة وباطنه.
قال سهل: مثل الله الجوارح بالبر ومثل القلب بالبحر وهو أعظم نفعا وأكبر خطرا.
قال الواسطي رحمة الله عليه: البر ما ظهر من النعوت والصفات والبحر ما استتر من الحقائق. وقيل في البر والبحر إنه السرائر والظواهر. وقيل: ظهر الفساد في البر:
أي على لسان علما الظاهر بالتأويلات الفاسدة والبحر: أي على لسان أهل الحقائق بالدعاوي الباطلة.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»