قال أبو علي الجوزجاني: دعا الله عباده إلى الإخلاص من كل وجه واخبر أن من كان في ظاهره وباطنه شيء غير الحق لم يكن مخلصا.
قوله تعالى: * (فأقم وجهك للدين حنيفا) *. أي معرضا عن الكل مقبلا عليه حنيفا:
أي مطهرا من الأكوان وما فيها.
قوله تعالى: * (فطرت الله التي فطر الناس عليها) * [الآية: 30].
قال ابن عطاء رحمة الله عليه: الفطرة ما فطرهم عليه وثبتها في اللوح المحفوظ.
وقال خلقه الله التي خلق الناس عليها، وما جلاهم به في الأزل من السعادة والشقاوة فلا يبدل عنده القول فيهم ولا يغير * (ذلك الدين القيم) * قال الطريق الواضح لأهل الحقائق فمن نظر إلى سابق القضاء علم أن أفعاله لا تؤثر فيه شيئا، ومن نظر إلى نفسه وأحواله وأفعاله فهو رهين فعله وأسير نفسه.
قال الجنيد رحمة الله عليه: خلق للإنسان عقولا وركب عليه الرأس وجعله تاج الجسم وجعل فيه أربعة سمعه وبصره ولسانه وفمه فإذا سكت الإنسان عن فضول الكلام وتلا بلسانه القرآن كان شاكرا بنعم الفم وإذا غض الإنسان بصره عن فضول النظر كان شاكرا لنعمة العين كذلك في جميع الأعضاء.
قوله تعالى: * (منيبين إليه واتقوه) * [الآية: 31].
قال ابن عطاء رحمة الله عليه: راجعين إليه من الكل خصوصا من ظلمات النفوس مقيمين معه على حد ذات العبودية لا يفارقون عرصته بحال ولا يرجون غيره ولا يخافون سواه هو اجر المنيبين إن شاء الله.
وقال بعضهم: الإنابة الرجوع منه إليه لا من شيء غيره فمن رجع من غيره إليه ضيع إحدى طرفي إنابته على الحقيقة من لم يكن له رجع سواه فرجع إليه من رجوعه ثم رجع من رجوع رجوعه ثم فنى من رجوعه فبقى شبحا لا وصف له قائما بين يدي الحق مستغفرا في عين الجمع قطع عنه سبل الفرقة والإخبار عن الأكوان وهذا ممن وصفه أبو سعيد الخراز في مقام الصمدية.
قوله تعالى: * (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله) * [الآية: 39].
وقع التضعيف لإرادة وجه الله به لا لإيتاء الزكاة والزكاة زكاة البدن في تطهيره من المعاصي وزكاة ماله في تطهيره من الشبهات.