تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ١١٠
وبطل عمله ونصيب العبد من دنياه حفظ حرمات الله وحرمة أوليائه والشفقة على عامة أوليائه وعباده.
قوله تعالى: * (ولا تنس نصيبك من الدنيا) * [الآية: 77].
قال بعضهم: أمره أن يأخذ من ماله قدر عيشه وإن تقدم ما سوى ذلك لآخرته.
وسئل سفيان الثوري رحمة الله عليه عن قوله: * (ولا تنس نصيبك من الدنيا) * قال:
لا تغفل عن عمرك في الدنيا أن تعمل بالطاعة.
قال بعضهم: نصيبك منها أن لا تغتر بها ولا تسكن إليها فإنها لم تدم لأحد ولم تبق له.
وقال الجنيد رحمة الله عليه في هذه الآية: لا تترك إخلاص العمل لله في الدنيا فهو الذي يقربك منه ويقطعك عما سواه.
قوله تعالى: * (وأحسن كما أحسن الله إليك) * [الآية: 77].
قال القيم: اصرف وجهك عن الكل بالإقبال عليه كما أحسن الله إليك حيث جعلك من أهل معرفته، وأحسن مجاورة معرفته فإنه أحسن إليك حيث أنعم عليك بالإيمان وهو من أعم النعم، وأحسن جوار نعمه فإنه أحسن إليك في أن وفقك لخدمته، وأحسن القيام بواجب عبوديته وإخلاص خدمته.
قوله تعالى: * (إنما أوتيته على علم عندي) * [الآية: 78].
قال سهل رحمة الله عليه: ما نظر أحد إلى نفسه فأفلح ولا أدعى لنفسه حالا فتمت له، والسعيد من الخلق من صرف بصره عن أفعاله وأقواله وفتح له سبيل الفضل والأفضال ورؤية منة الله عليه في جميع الأحوال والشقي من زينت في عينه أعماله وأقواله فافتخر بها وادعاها لنفسه فتهلكة سمومها يوما ما وإن لم تهلكه في الوقت ألا ترى الله تعالى كيف حكى عن قارون * (إنما أوتيته على علم عندي) * نسي الفضل وادعاها لنفسه فضلا فخسف الله به الأرض ظاهرا فكم قد خسف بالأسرار وصاحبها لا يشعر بذلك وخسف الأسرار هو منع العصمة والرد إلى الحول والقوة وإطلاق اللسان بالدعوى العريضة والعمى عن رؤية الفضل والقعود عن القيام بالشكر على ما أولى وأعطى حينئذ يكون وقت الزوال.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»