قوله عز وجل: * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها) * [الآية: 6].
قيل: قرأ يوسف بن الحسين هذه الآية ثم قال: ندب الله عباده جميعا إلى التوكل والاعتماد عليه فأبوا بأجمعهم إلا الاعتماد على عوارى ما ملكوا إلا الفقراء المهاجرين ثم جرت تلك البركة في الفقراء الصادقين إلى من ترسم بهم من المتصوفة فأبى الخلق إلا الاعتماد على الأسباب وأبت هذه الطائفة أن تعتمد على غير المسبب وهو من أشد المناهج.
قال بعضهم: المغبون من لم يثق بالله في رزقه بعد أن ضمنه له.
وقال بعضهم كفاك ما تحتاج إليه ولم يجعل للخلق فيه سبيلا لتكون له بالكلية.
وقيل: يعلم مستقرها من رحم الأمهات ومستودعها من الدنيا.
وقيل: يعلم مستقرها من الدنيا ومستودعها في دار الخلود.
وقيل: يعلم مستقرها ظاهر إسلامه ومستودعها باطن إيمانه.
وقيل: يعلم مستقرها من الخلق ومستودعها من الحق.
وقيل: مستقرها في الطاعات ومستودعها في الأحوال.
وبلغني أن رجلا قال لأبي عثمان الحيري: من أين تأكل؟ فقال: إن كنت مؤمنا فأنت مستغن عن هذا السؤال وإن كنت جاحدا فلا خطاب معك ثم تلا: * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) *.
قوله تعالى: * (ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه) * [الآية: 9].
قال أبو سعيد الخراز: من أذيق حلاوة الذكر وصفاء السر ثم نزع منه ذلك فلم تظهر عليه الاهتمام به، والذبول لفقده ولا يرى من سره مطالبة لما نزع منه من سنى المقامات والأحوال فليحكم لقلبه بالموت ولسره بالعمى عن طريق الهدى كذلك قال الله * (ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة) * وهو محل القربة ثم نزعناها منه وهو حجاب النعمة.
قوله تعالى: * (ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور) * [الآية: 10].
لو رددنا عليه ما قبضناه منه ليقولن ذهب السيئات عني أمنا من مكري وطمأنينة إلى