قال أبو عثمان: أنت بين رجائك من ضر ونفع، وفي الحالتين جميعا الرجوع إلى سواه سوء تدبير وقلة يقين.
قال بعضهم: الكاشف للضر على الحقيقة هو القادر على ابتلائك به، والمتفضل بالأفضال من ناب عنك في الغيب بحسن التولية لك في الأزل.
قوله تعالى ذكره: * (فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه) * [الآية: 108].
قال الواسطي رحمة الله عليه: لو وقع التفاضل بالنعوت والصفات كان الذات معلولا ما أظهر، فإنما أظهره لك أن أجرى الإحسان عليكم فلكم بقوله * (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) *، وإن أجر الاهتداء فلكم بقوله: * (من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه) * وإن أجر الشكر عليكم فلكم بقوله * (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) *.
قوله عز وجل: * (واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله) * [الآية: 109].
قال سهل: أجرى الله في الخلق أحكاما وأيدهم على اتباعها بقدرته وفضله، ودلهم على رشدهم بقوله: * (واتبع ما يوحى إليك واصبر) * والصبر على الاتباع وترك تدبير النفس فيه النجاة عاجلا من رعونات النفس وأجلا من حياة المخالفة.
وقال أبو عثمان: أصل الدين الاتباع ثم الصبر عليه من غير أن يكون ذلك فيه من عندك شيء، بل الرجوع عن جميع مالك باتباع ما ألزمته.