الدنيا إنه لفرح بغير مفروح به فخور بما لا يفتخر به.
قوله تعالى: * (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون) * [الآية: 15].
قال أبو بكر الوراق: حياة الدنيا هي ارتكاب الأماني واتباع الشهوات والجولان في ميادين الآمال والغفلة عن بغتة الآجال وجمع ما فيها من الأموال من وجوه الحلال والحرام، وزينة الدنيا هي ما أظهر الله فيها من الأموال ومن وجوه أنواع العلائق التي أخبر الله عنها بقوله: * (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة) *.
قال بعضهم: إرادة الحياة هي كراهية الموت، وكل مريب خائف.
قال أبو حفص في قوله * (من كان يريد الحياة الدنيا) * قال: حياة الدنيا هي صحبة أهل الدنيا والميل إليهم والأنس بهم. ومن أحب الدنيا فقد أحب ما أبغض الله، ومن صحب أهلها فقد مال إليهم، ومن مال إليهم فقد مال عن طريق الحق، فإن الحق مبائن للدنيا وأهلها لأنها لهو ولعب. الآية كما أخبر الله عنها فقال: * (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو) *.
قوله تعالى: * (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) * [الآية: 17].
سمعت أبا عثمان المغربي يقول: سمعت ابن الكاتب يقول: جاء رجل إلى الجنيد رحمة الله عليه فقال: أسألك عن شيء في ضميري، فقال: سل. فقال: قد سألت، فقال الجنيد: قد سألت عن كذا وكذا والجواب فيه كذا وكذا. فقال الرجل: لا. قال:
بلى ولكنك قلبت السؤال إلى كذا وكذا، والجواب فيه كذا وكذا.
قال الشيخ أبو عثمان: وهذا تفسير قوله: * (أفمن كان على بينة من ربه) * ومن كان على البينة لا يخفى عليه سر.
وقال رويم: البينة هي الإشراف على القلوب والحكم على الغيوب.
وقال سهل في قوله: * (أفمن كان على بينة من ربه) * قال: هي التقى والبر.