سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره '.
ثم إذا حملتني تلك القلوب وصبرت لمشاهدتي فأنا حاملي لا غير، إذ بي حملني وبإياي صبر لمشاهدتي، فلا مشاهدة للحق سواه جل ربنا وتعالى.
قال ابن عطاء في قوله: * (لن تراني ولكن انظر إلى الجبل) *: شغله بالجبل ثم تجلى، ولو لم يشغله بالجبل لمات وقت التجلي.
وقال الحسين قوله لموسى * (لن تراني) * لو تركه على ذلك لتقطع شوقا إليه، ولكنه سكنه بقوله: * (ولكن) *.
وقال أيضا في هذه الآية: انبسط على ربه في معاني الرؤية لما كان يرجع منه إلى شيء سواه.
قال الواسطي رحمة الله عليه: * (لن تراني) *: إلى وقت ولا على الأبد.
وقال: كان موسى غائبا عن طبع البشرية، حتى استطاع المقام في وقت الكلام والمفاجأة، فلما وجد حلاوة كلامه طلب الكشف في الحال غائبا عن الحال كذلك.
قال يحيى بن معاذ: وعد نعمك يشير إلى وفاء كرمك.
وقال جعفر: انبسط إلى ربه في معنى رؤيته لأنه رأى جمال كلامه على قلبه فيه، فانبسط إليه فقال له ' لن تراني ' أي لا تقدر ان تراني، لأنك أنت الفاني فكيف السبيل لفان إلى باق؟ ولكن انظر إلى الجبل أوقع على الجبل علم الاطلاع فصار دكا متفرقا، زال الجبل من ذكر اطلاع ربه، وصعق موسى من رؤية تدكدك الجبل فكيف له برؤية ربه عيانا، معاينة رؤية الله لعبده والعبد فان، ورؤية العبد لربه والعبد بربه باق ثم قال ثلاث من يلتمس العبيد إلى ربهم محال: التجلي والوصلة والمعرفة، فلا عين تراه في الدنيا، ولا قلب يصل إليه، ولا عقل يعرفه لأن أصل المعرفة من الفطرة، وأصل المواصلة من المسافة، وأصل المشاهدة من المباينة.