قال: وجرى بين الجنيد رحمة الله عليه ذكر قوله تعالى: * (فلما تجلى ربه) * الآية فصاح وقال: بالجعل صار دكا لا بالتجلي، ولو وقع عليه آثار التجلي لأفناه، فكيف التجلي.
وقال بعضهم: انفرد موسى بالتجلي لما صعق كأنه لما سأل الرؤية قيل له: أنت لا ترانا ببشريتك فقال: أفنني عني وعن بشريتي فأفناه، وانفرد الحق بذاته فتجلى لموسى في حال صعقته، لأنه كان معه قائما بالمحبة.
قال الله تعالى: * (وألقيت عليك محبة مني) *.
فأفناه حتى رآه ثم رده إلى صفاته.
قوله تعالى: * (سبحانك تبت إليك) *.
قال بعضهم: تبت أن أسألك حظا لي، إذ لا يحيط بك أحد ولا يشهدك غيرك.
* (سبحانك تبت إليك) * الآية.
قال ابن خفيف: لما قال: إن استقر مكانه فسوف تراني. قال: تبت إليك من أن لا أصدقك بكل ما ورد منك ولا أطالب بالعلاقات، وذلك كما قال: * (أرني أنظر إليك قال لن تراني) * لم يكفه هذا حتى قال: ' انظر إلى الجبل ' فالتوبة من هذا.
قال الواسطي رحمة الله عليه: لم يزل المقصود ممتنعا من الاستغراق، ألا ترى إلى قول موسى: * (سبحانك تبت إليك) *.
قال جعفر في قوله: * (سبحانك تبت إليك) * قال: نزه ربه واعترف إليه، بالعجز وتبرأ من عقله، ' تبت إليك ' رجعت إليك من نفسي، فلا أميل إلى علمي، فالعلم ما علمتني والعقل ما أكرمتني * (وأنا أول المؤمنين) * إنك لا ترى في الدنيا وإنما جوز الكلام ولم تجوز الرؤية، لأن الرؤية الإشراف على الذات والكلام صفة من الصفات، والصفات سمات إلى عباده ولهم إلى ذلك سبيل، ولا سبيل لأحد من خلقه إلى ذاته قال الله تعالى: * (ولا يحيطون به علما) *.