تفسير السلمي - السلمي - ج ١ - الصفحة ٢٣٦
ويفني عنها أهواءها ومراداتها الباطلة، ويجعلك خليفة على جوارحك وقلبك أميرا عليها فتقهر النفس بما فيها وتستولي عليها وعلى مخالفتها، فينظر كيف تعملون: كيف معرفتك بشكر ما أنعم عليك.
قوله عز وعلا * (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) * [الآية: 130].
قال: ذكرناهم النعم وأخذناهم بالمحن لعلهم يرجعون إلينا، فأبوا إلا طغيانا وتماديا.
رأيت في كتاب عبد الله الرازي بخطه، سمعت محمد بن الفضل يقول: أذل رياضة يروض الإنسان بها نفسه الجوع، لأن الله تعالى أخذ الأعداء بذلك فقال: * (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) * وأعز رياضة يروض بها الإنسان نفسه التقوى، لأن الله يقول * (فإياي فاتقون) *.
قوله تعالى: * (ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت) * [الآية: 134].
قال القاسم: من لم يراع أسرار الأولياء في الأوقات، لا ينفعه اللجأ إليهم في أوقات البلاء، ألا ترى كيف لم يؤثر على أصحاب فرعون اللجأ إلى موسى في اعتقاد المخالفة، قال الله: * (فانتقمنا منهم) *.
قوله تعالى: * (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا) * [الآية: 137].
قال الجنيد رحمة الله عليه في كتاب ' مراتب أهل الصبر ' في قوله: * (وتمت كلمة ربك) * قال: طلبوا تمام الكلمة بوجود النعمة والمواظبة على الصبر واستشعروا التشبت بحبائل الوفاء عند من أبلاهم، لتتم عليهم كلمة ربك الحسنى بجميل الثناء على الصبر التي ضمن لهم إتمامها بالوفاء.
قال أبو سعيد: طلبوا إتمام النعمة بالمواظبة على الصبر، واستشعروا وعده الذي وعد لهم إتمامه عند القيام بما لزمهم من شرائط الصبر.
قوله تعالى: * (قال أغير الله أبغيكم إلها) * [الآية: 140].
قال بعضهم: من لم يرض بمجاري المقدور عليه ولم يستقبل نعمة الله بالشكر وبلاءه
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»