آياتي الذين يتكبرون) * حتى لا يفهموها ولا يجدوا لها لذة، لأنهم تكبروا بأحوال النفوس بالخلق والدنيا، فصرف الله عن قلوبهم آياته لما انصرفوا عنه، ومن استولت عليه النفس صار أسيرا في حكم الشهوات، محصورا في سجن الهوى، حرم الله على قلبه فوائد آياته وكتابه وإن أكثر ترداده على لسانه.
قوله تعالى: * (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار) * [الآية: 148].
قال سهل: عجل كل إنسان ما أقبل عليه وأعرض به عن الله من أهل وولد، ولا نتخلص من ذلك إلا بعد إفناء حظوظه أجمع من أسبابه، كما لم يتخلص عبدة العجل من عبادته، إلا من بعد قتلهم أنفسهم.
قوله تعالى: * (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) * [الآية: 150].
قال: آسفا على ما فاته من مخاطبة الحق إلى مخاطبة من لا أوزان لهم، فرده من شوقه إلى شاهده ليلا يقطعه من حال شوقه * (وأخذ برأس أخيه يجره إليه) *.
قال ابن عطاء: غضبان على نفسه حيث ترك قومه حتى ضلوا، آسفا على مناجاة ربه.
قال بعضهم: ماقتا نفسه متأسفا على ما فاته من اختصاصه بالمخاطبة.
قال بعضهم: من رأى من قومه من ارتكاب مخالفة الله وقيل: أغضبه الرجوع عن مفاجأة الحق إلى مخاطبة الخلق.
قوله تعالى: * (وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه) *.
قال القرشي: من تحرك غيرة للحق فإن الحق يحفظ عليه حدوده، لئلا تخرجه الحركة إلى شيء مذموم، كموسى لما ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه لما رأى قومه يعبدون العجل، فلم يعاتبه الله على ذلك، ولو باشر أحد من الكسر والأخذ ما باشر موسى، كان ملوما على ذلك ولكن حركة موسى كانت بلا حظ لموسى فيها، بل قام غيرة لله وابتغاء ماله، فلم يزدد بذلك من الحق إلا قربا.
قوله تعالى: * (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم) * [الآية: 152].
قال أبو عثمان: من أقبل على الله فلينتظر الراحة، والزلفة والفرج من القبول، ومن