قوله تعالى * (وأقيموا الصلاة) * يعني أقروا بالصلاة وأدوها في مواقتيها بركوعها وسجودها وخشوعها * (وآتوا الزكاة) * يعني أعطوا الزكاة المفروضة ثم قال * (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله) * يعني ما تصدقتم من الصدقة وتعملون من العمل الصالح تجدوه عند الله محفوظا يجزيكم به ونظير هذا ما قال في آية أخرى * (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا) * آل عمران 30 وقال * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) * الزلزلة 7 وذكر أنه مكتوب في بعض الكتب يا ابن آدم ضع كنزك عندي لا سرق ولا حرق ولا فساد تجده حين تكون أحوج إليه ثم قال تعالى * (إن الله بما تعملون بصير) * يعني عالما بأعمالكم يجازيكم بالخير خيرا وبالشر شرا سورة البقرة الآيات 111 - 112 قوله تعالى * (وقالوا) * يعني اليهود والنصارى وهم يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران * (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) * فاليهود جماعة الهائد وإنما أراد به اليهود وهذا من جوامع الكلم وهذا كلام على وجه الاختصار فكأنه يقول وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا قال الله تعالى ردا لقولهم * (تلك أمانيهم) * أي ظنهم وأباطيلهم وهذا كما يقال للذي يدعي ما لا يبرهن عليه إنما أنت متمن وإنما يراد به إنك مبطل في قولك ثم قال تعالى * (قل هاتوا برهانكم) * يعني حجتكم من التوراة والإنجيل * (إن كنتم صادقين) * يعني بأن الجنة لا يدخلها إلا من كان يهوديا أو نصرانيا قوله تعالى * (بلى من أسلم وجهه لله) * معناه بل يدخل الجنة غيركم من أسلم وجهه لله يعني من أخلص دينه لله وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم * (وهو محسن) * في عمله * (فله أجره عند ربه) * يعني ثوابه في الآخرة * (ولا خوف عليهم) * من العذاب حين يخاف أهل النار * (ولا هم يحزنون) * ولا هم يحزنون على ما فاتهم من أمر الدنيا ويقال الخوف إنما يستعمل في المستأنف والحزن في الماضي كما قال الله تعالى " لكيلا تأسوا على ما فاتكم " الحديد 23 ويقال الخوف ثلاثة خوف الأبد وخوف الانقطاع وخوف الحشر والحساب فأما خوف الأبد فيكون أمنا للمسلمين وخوف العذاب على الانقطاع يكون أمنا للتائبين وخوف الحشر والحساب يكون أمنا للمحسنين والمحسنون يكونون آمنين من ذلك
(١١١)