ويقال إن الله بعث كل نبي إلى قومه وأظهر لهم نوع ما كانوا يعرفونه فكان في زمن موسى عليه السلام الغالب عليهم السحر فبين لهم من جنس ذلك ليعرفوا أن ذلك ليس بسحر وأنه من الله تعالى وكان الغالب في زمن عيسى عليه السلام علم الطب فجاءهم عيسى بما عجز الأطباء عنه فعرف الأطباء أن ذلك ليس من الطب وكان في زمن نبينا عليه السلام الفصاحة والشعر فجاءهم بقرآن عجز الفصحاء والشعراء عن إتيان مثله قوله تعالى * (إن في ذلك لآية لكم) * يعني فيما صنع عيسى عليه السلام علامة لنبوته * (إن كنتم مؤمنين) * أي مصدقين أنه نبي قرأ نافع " فيكون طائرا " وكذلك في سورة المائدة وقرأ الباقون بغير ألف ومعناهما واحد ويقال الطائر واحد والطير جماعة ثم قال تعالى * (ومصدقا لما بين يدي من التوراة) * معناه جئتكم مصدقا يعني للكتاب الذي أنزل علي وهو الإنجيل * (مصدقا) * قال أي موافقا لما بين يدي من التوراة * (ولأحل لكم) * يعني أرخص لكم * (بعض الذي حرم عليكم) * مثل الشحوم ولحوم الإبل ولحم كل ذي ظفر وأما الميت ولحم الخنزير فهو حرام أبدا قوله * (وجئتكم بآية من ربكم) * يعني أني لم أحل لكم شيئا بغير برهان فحقيق عليكم اتباعي لأني أتيتكم ببرهان وأتيتكم بتحليل الطيبات * (فاتقوا الله وأطيعون) * فيما أمركم ونهاكم وأنصح لكم ثم قال تعالى * (إن الله ربي وربكم) * هذا تكذيب لقول النصارى حيث قالوا إن الله هو المسيح وقالوا إن الله ثالث ثلاثة فاعترف عيسى أنه عبد الله وهو قوله تعالى * (إن الله ربي وربكم) * يعني خالقي وخالقكم ورازقي ورازقكم * (فاعبدوه) * يعني وحدوه ولا تشركوا به شيئا * (هذا صراط مستقيم) * يعني التوحيد الذي أدعوكم إليه طريق مستقيم لا عوج فيه وهو طريق الجنة سورة آل عمران 52 - 53 قوله تعالى * (فلما أحس عيسى منهم الكفر) * قال الكلبي فلما عرف منهم الكفر بالله ويقال فلما سمع منهم كلمة الكفر وقال الزجاج أحس في اللغة علم ووجد يقال هل أحسست الخبر أي هل عرفته وعلمته وقال مقاتل فلما رأى من بني إسرائيل الكفر كقوله عز وجل * (هل تحس منهم من أحد) * مريم 98 يعني هل ترى ويقال إنه لما علم عيسى أنهم أرادوا قتله * (قال من أنصاري إلى الله) * يقول من أعواني مع الله قال القتبي * (إلي) * هاهنا بمعنى مع مثل قوله * (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) * النساء 2 أي مع أموالكم كما يقال الذود إلى الذود إبل أي مع
(٢٤١)