بذلك ولم يكن قرأ الكتاب فذلك قوله تعالى " ذلك في أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم " يعني لم تكن عندهم وإنما تخبر عن الوحي فقال * (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) * يعني يطرحون أقلامهم في النهر بالقرعة * (وما كنت لديهم إذ يختصمون) * في أمر مريم قوله تعالى * (إذ قالت الملائكة يا مريم) * يعني جبريل عليه السلام وحده * (إن الله يبشرك بكلمة منه) * قرأ نافع وعاصم وابن عامر * (يبشرك) * بالتخفيف في جميع القرآن وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتشديد في جميع القرآن إلا في * (حم عسق) * * (ذلك الذي يبشر الله عباده) * الشورى 23 بالتخفيف وقرأ حمزة بالتخفيف إلا في قوله (فبم تبشرون) الحجر 54 ووافقه الكسائي في بعضها فمن قرأ بالتشديد فهو من البشارة ومن قرأ بالتخفيف فمعناه يفرحك وكانت قصة البشارة أن مريم لما طهرت من الحيض ودخلت المغتسل كما قال في سورة مريم * (إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) * مريم 16 يعني أرادت أن تغتسل في جانب المشرفة فلما دخلت المغتسل رأت بشرا كهيئة الإنسان كما قال * (فتمثل لها بشرا سويا) * مريم 17 فخافت مريم ثم قالت * (إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا) * مريم 18 لأن التقي يخاف الرحمن فقال لها جبريل * (إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا) * مريم 19 وذكرها هنا بلفظ آخر ومعناهما واحد قال * (إن الله يبشرك بكلمة منه) * آل عمران 45 بمعنى بولد بغير أب يصير مخلوقا بكلمة من الله وهو قوله كن فكان * (اسمه المسيح عيسى ابن مريم) * ويقال إنما سمي المسيح لأنه يسيح في الأرض ويقال الماسح كان يمسح وجه الأعمى فيبصر وقال الكلبي المسيح الملك ثم قال تعالى * (وجيها) * يعني ذا جاه * (في الدنيا و) * وله منزلة * (في الآخرة) * وقال مقاتل فيها تقديم وتأخير يعني وجيها في الدنيا * (ومن المقربين) * في الآخرة عند ربه وقال الكلبي * (وجيها في الدنيا) * يعني في أهل الدنيا بالمنزلة * (وفي الآخرة) * عند ربه * (من المقربين) * في جنة عدن قال عز وجل * (ويكلم الناس في المهد وكهلا) * يعني في حال صغره وهو في حجر أمه طفلا " وكهلا يعني إذا اجتمع عقله وكبر فإن قيل ما معنى قوله كهلا والكلام من الكهل لا يكون عجبا قيل له المراد منه كلام الحكمة والعبرة ويقال " كهلا " بعد نزوله من السماء وهو قول الكلبي " ومن الصالحين " مع آبائه في الجنة سورة آل عمران 47
(٢٣٨)