تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٢٥٢
إلا ذكر له محمدا صلى الله عليه وسلم ونعته وأخذ عليه ميثاقه أن يبينه لقومه وأن يأخذ منهم ميثاقهم أن يبينوه لمن بعدهم ولا يكتمونه * (ثم جاءكم رسول) * يعني أهل الكتاب الذين كانوا في زمان محمد صلى الله عليه وسلم * (مصدق لما معكم) * في التوحيد وبعض الشرائع وذلك أن الله تعالى لما أخذ ميثاق الأنبياء وأخذ الأنبياء الميثاق من قومهم بأن يبينوه فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فكذبوه فذكرهم الله تعالى ما أتاهم به أنبياؤهم وقال * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول) * يعني محمدا صلى الله عليه وسلم مصدق لما معكم من التوراة * (لتؤمنن به) * يعني قال لهم في الميثاق * (لتؤمنن به) * أي لتصدقنه إذا بعث * (ولتنصرنه) * إذا خرج " قال " لهم (أأقررتم) بتصديقه يعني هل أقررتم بما أخذ عليكم من الميثاق بتصديقه ونصره * (وأخذتم على ذلكم إصري) * يعني هل قبلتم على ذلك عهدي الذي أخذت عليكم على إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم * (قالوا أقررنا قال) * يعني الله تعالى * (فاشهدوا) * بعضكم على بعض بأني قد أخذت عليكم العهد * (وأنا معكم من الشاهدين) * على إقراركم قال الزجاج قوله * (فاشهدوا) * أي فبينوا لأن الشاهد هو الذي يصحح دعوى المدعي * (وأنا معكم من الشاهدين) * وشهادة الله للنبيين تبيينه أمر نبوتهم بالآيات المعجزات وقال القتبي أصل الإصر الثقل فسمي العهد إصرا لأنه يمنع صاحبه عن مخالفة الأمر الذي أخذ عليه فثقل سورة آل عمران الآيات 82 - 83 قوله تعالى * (فمن تولى بعد ذلك) * يعني أعرض عن الإيمان وعن البيان بعد ذلك الإقرار والعهد قوله * (فأولئك هم الفاسقون) * يعني الناقضون للعهد ويقال هم العاصون وأصل الفسق الخروج من الطاعة كقوله * (ففسق عن أمر ربه) * سورة الكهف 50 أي خرج عن طاعة ربه وقوله تعالى * (أفغير دين الله يبغون) * قال الكلبي وذلك أن كعب بن الأشرف اختصم مع النصارى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أينا أحق بدين إبراهيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلا الفريقين برئ من دينه فقالوا ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك فنزل قوله تعالى * (أفغير دين الله يبغون) * يعني يطلبون قرأ عاصم في رواية حفص * (يبغون) * * (وإليه يرجعون) * كلاهما بالياء وقرأ أبو عمرو * (يبغون) * بالياء وإليه * (ترجعون) * بالتاء وقرأ الباقون كلاهما بالتاء على معنى المخاطبة فمن قرأ بالياء يعني أفغير دين الله يطلبون عندك ومن قرأ * (تبغون) * يعني قل لهم أفغير دين الله تطلبون * (وله أسلم) * يعني أخلص وخضع * (من في السماوات والأرض طوعا وكرها) * قال الكلبي أما أهل السماوات فأسلموا لله طائعين وأما أهل الأرض فمن
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»