تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٢٤٤
الجماعة ويقولون نحن نفعل كذا وكذا ونكتب إلى فلان ونأمر بكذا فالله تعالى خاطب العرب بما يفهمون فيما بينهم كما قال في سائر المواضع * (إنا أرسلنا) * القمر 19 " إنا أنزلنه " النساء 105 وكذلك ها هنا * (فيوفيهم أجورهم) * يعني نعطيهم ثواب عملهم * (والله لا يحب الظالمين) * يعني لا يرضى دين الكافرين سورة آل عمران الآية 58 قوله تعالى * (ذلك نتلوه عليك من الآيات) * يقول هذه الآيات وهذه القصص بينات في القرآن وأنزلنا عليك جبريل ليقرأ عليك " من الآيات يعني من البيان " والذكر الحكيم " يعني القرآن كله وقال الكلبي " الذكر الحكيم " الذي عند رب العالمين في درة بيضاء وهو اللوح المحفوظ ويقال هو القرآن لأنه محكم ليس فيه تناقض ولا يقدر أحد أن يأتي بمثله ويقال هو الشرف كقوله " وإنه لذكر لك ولقومك " الزخرف 44 سورة آل عمران الآية 59 قوله تعالى " إن مثل عيسى عند الله " نزلت في وفد نجران السيد والعاقب والأسقف وجماعة من علمائهم وأحبارهم قدموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فناظروه في أمر عيسى عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله فقالوا أرنا خلقا من خلق الله تعالى من غير أب وكان يحيي الموتى وكان فيه دليل على ما قلنا وكانوا يقولون إنه اتخذه ابنا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلموا فقالوا قد أسلمنا قبلك فقال لهم كذبتم إنما يمنعكم من الإسلام ثلاث أكل لحم الخنزير وعبادة الصليب وقولكم لله ولد فقالوا له من أبو عيسى فنزل قوله تعالى " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم " يعني شبه خلق عيسى عند الله كشبه خلق آدم " خلقه من تراب " يعني صورة من غير أب ولا أم " ثم قال له كن فيكون " فكان بشرا بغير أب كذلك عيسى كان بشرا بغير أب وفي هذه الآية دليل على أن الشيء يشبه بالشيء وإن كان بينهما فرق كبير بعد أن يجتمعا في وصف واحد كما أن ها هنا خلق آدم من تراب ولم يخلق عيسى من تراب وكان بينهما فرق من هذا الوجه ولكن الشبه بينهما أنه خلقهما من غير أب ولأن أصل خلقهما جميعا من تراب لأن آدم لم يخلق من نفس التراب ولكنه جعل التراب طينا ثم جعله صلصالا ثم جعله ثم خلقه منه فكذلك عيسى عليه السلام حوله من حال إلى حال ثم خلقه بشرا من غير أب سورة آل عمران الآية 60
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»