روي فيه غير ذلك، حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم) قال: نسخها قوله: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) [التوبة: 5].
وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات) الآية. روى الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: " كان مما شرط سهيل بن عمرو على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته علينا! فرد أبا جندل على أبيه سهيل بن عمرو، ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما. وجاء المؤمنات مهاجرات، وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجعها، فأنزل الله فيهن: (إذا جاءك المؤمنات مهاجرات) الآية. قال عروة: فأخبرتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن بهذه الآية: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك)، قالت: فمن أقر بهذه الشرط منهن قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد بايعتك " كلاما يكلمها به، والله ما مست يده يد امرأة من أهل المبايعة! ". وروى عكرمة بن عمار عن أبي زميل عن عمر بن الخطاب قال:
" لقد صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة يوم الحديبية وجعل لهم أن من لحق بالكفار من المسلمين لم يردوه ومن لحق بالمسلمين من الكفار يردونه ". وروى الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: " كان في الصلح يوم الحديبية أن من أسلم من أهل مكة فهو رد إليهم، ونزلت سورة الممتحنة بعد الصلح فكان من أسلم من نسائهم تسأل ما أخرجك؟
فإن كانت خرجت هربا من زوجها ورغبة عنه ردت وإن كانت خرجت رغبة في الاسلام أمسكت وردت على زوجها ما أنفق ".
قال أبو بكر: لا يخلو الصلح من أن يكون كان خاصا في الرجال دون النساء على الوجه الذي ذكر من رد من جاء منهم مسلما إليهم، أو أن يكون وقع بديا عاما ثم نسخ عن النساء، وهذا أظهر الوجهين، وذلك جائز عندنا وإن لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أحدا من النساء عليهم، لأن النسخ جائز بعد التمكين من الفعل وإن لم يقع الفعل. وقوله: (يا أيها الذين آمنوا) خطاب للمؤمنين والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم إذا هاجرن إليه، لأنه هو الذي يتولى امتحانهن دون المؤمنين، وقد أريد به سائر المؤمنين عند غيبة النبي صلى الله عليه وسلم عن حضرتهم.
وقوله تعالى: (فإن علمتموهن مؤمنات) المراد به العلم الظاهر لا حقيقة اليقين، لأن ذلك لا سبيل لنا إليه، وهو مثل قول أخوة يوسف: (إن ابنك سرق وما شهدنا إلا