ولا ولدا وإن سفل ولا امرأة ". وقال مالك والثوري والحسن بن صالح: " لا يعطى من تلزمه نفقته ". وقال ابن شبرمة: " لا يعطى من الزكاة قرابته الذين يرثونه وإنما يعطى من لا يرثه وليس في عياله ". وقال الأوزاعي: " لا يتخطى بزكاة ماله فقراء أقاربه إذا لم يكونوا من عياله ويتصدق على مواليه من غير زكاة لماله ". وقال الليث: " لا يعطى الصدقة الواجبة من يعول ". وقال المزني عن الشافعي في مختصره: " ويعطى الرجل من الزكاة من لا تلزمه نفقته من قرابته، وهم من عدا الولد والوالد والزوجة إذا كانوا أهل حاجة فهم أحق بها من غيرهم وإن كان ينفق عليهم تطوعا ".
قال أبو بكر: فحصل من اتفاقهم أن الولد والوالد والزوجة لا يعطون من الزكاة، ويدل عليه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: " أنت ومالك لأبيك "، وقال: " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه "، فإذا كان مال الرجل مضافا إلى أبيه وموصوفا بأنه من كسبه فهو متى أعطى ابنه فكأنه باق في ملكه لأن ملك ابنه منسوب إليه فلم تحصل صدقة صحيحة، وإذا صح ذلك في الابن فالأب مثله إذ كل واحد منهما منسوب إلى الآخر من طريق الولادة، وأيضا قد ثبت عندنا بطلان شهادة كل واحد منهما لصاحبه، فلما جعل كل واحد منهما فيما يحصله بشهادته لصاحبه كأنه يحصله لنفسه وجب أن يكون إعطاؤه إياه الزكاة كتبقيته في ملكه، وقد أخذ عليه في الزكاة اخراجها إلى ملك الفقير إخراجا صحيحا، ومتى أخرجها إلى من لا تجوز له شهادته فلم ينقطع حقه عنه وهو بمنزلة ما هو باق في ملكه فلذلك لم يجزه، ولهذه العلة لم يجز أن يعطي زوجته منها، وأما اعتبار النفقة فلا معنى له، لأن النفقة حق يلزمه، وليست بآكد من الديون التي ثبتت لبعضهم على بعض، فلا يمنع ثبوتها من جواز دفع الزكاة إليه. وعموم الآية يقتضي جواز دفعها إليه باسم الفقر، ولم تقم الدلالة على تخصيصه، فلم يجز اخراجها لأجل النفقة من عمومها، وأيضا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول "، وذلك عموم في جواز دفع سائر الصدقات إلى من يعول، وخرج الولد والوالد والزوجان بدلالة.
فإن قيل: إنما لم يجز إعطاء الوالد والولد لأنه تلزمه نفقته. قيل له: هذا غلط، لأنه لو كان الولد والوالد مستغنيين بقدر الكفاف ولم تكن على صاحب المال نفقتهما لما جاز أن يعطيهما من الزكاة، لأنهما ممنوعان منها مع لزوم النفقة وسقوطها، فدل على أن المانع من دفعها إليهما أن كل واحد منهما منسوب إلى الآخر بالولادة وأن واحدا منهما لا تجوز شهادته للآخر، وكل واحد من المعنيين علة في منع دفع الزكاة.
واختلفوا في إعطاء المرأة زوجها من زكاة المال، قال أبو حنيفة ومالك: