الضفدع يكون في الدواء، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله " والضفدع من حيوان الماء، ولو كان أكله جائزا والانتفاع به سائغا لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله، ولما ثبت تحريم الضفدع بالأثر، كان سائر حيوان الماء سوى السمك بمثابته، لأنا لا نعلم أحدا فرق بينهما.
واحتج الذين أباحوه بما روى مالك بن أنس عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة الزرقي عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في البحر: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته ". وسعيد بن سلمة مجهول لا يقطع بروايته، وقد خولف في هذا الإسناد، فروى يحيى بن سعيد الأنصاري عن المغيرة بن عبد الله - وهو ابن أبي بردة - عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه يحيى بن أيوب عن جعفر بن ربيعة وعمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن أبي معاوية العلوي عن مسلم بن مخشي المدلجي عن الفراسي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في البحر: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته ". وحدثنا عبد الباقي قال:
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن عبدوس قالا: حدثنا أحمد بن حنبل قال:
حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال: حدثنا إسحاق - يعني ابن حازم - عن ابن مقسم - يعني عبد الله - بن جابر بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البحر فقال: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته ". وهذه الأخبار لا يحتج بها من له معرفة بالحديث، ولو ثبت كان محمولا على ما بينه في قوله: " أحلت لنا ميتتان ". ويدل على ذلك أنه لم يخصص بذلك حيوان الماء دون غيره، وإنما ذكر ما يموت فيه، وذلك يعم ظاهره حيوان الماء والبر جميعا إذا ماتا فيه، وقد علم أنه لم يرد ذلك، فثبت أنه أراد السمك خاصة دون ما سواه، إذ قد علم أنه لم يرد به العموم ولا يصح اعتقاده فيه.
واحتج المبيحون له بحديث جابر في جيش الخبط وأن البحر ألقى لهم دابة يقال لها العنبر، فأكلوا منها ثم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هل معكم منه شئ تطعمونيه؟ " وهذا لا دليل فيه على ما قالوا، لأن جماعة قد رووا هذا الحديث وذكروا فيه أن البحر ألقى حوتا يقال له العنبر، فأخبروا أنها كانت حوتا وهو السمك، وهذا لا خلاف فيه ولا دلالة على إباحة ما سواه.
باب أكل المحرم لحم صيد الحلال قال الله تعالى: (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما). فروي عن علي وابن عباس " أنهما كرها للمحرم أكل صيد اصطاده حلال " إلا أن إسناد حديث علي ليس بقوي، يرويه علي بن زيد، وبعضهم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقفه بعضهم. وروي عن عثمان وطلحة بن عبيد الله وأبي قتادة وجابر وغيرهم إباحته. وروى عبد الله بن أبي قتادة