أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ٥٩
سورة النساء بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام). قال الحسن ومجاهد وإبراهيم: " هو قول القائل أسألك بالله وبالرحم "، وقال ابن عباس وقتادة والسدي والضحاك: " اتقوا الأرحام أن تقطعوها ". وفي الآية دلالة على جواز المسألة بالله تعالى، وقد روى ليث عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سأل بالله فأعطوه ". وروى معاوية بن سويد بن مقرن عن البراء بن عازب قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، منها إبرار القسم "، وهذا يدل على مثل ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: " من سألكم بالله فأعطوه ". وأما قوله: (والأرحام) ففيه تعظيم لحق الرحم وتأكيد للنهي عن قطعها، قال الله تعالى في موضع آخر: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) [محمد: 22]، فقرن قطع الرحم إلى الفساد في الأرض، وقال تعالى: (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) [التوبة: 10]، قيل في الإل إنه القرابة، وقال تعالى:
(وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى) [النساء:
36].
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم حرمة الرحم ما يواطئ ما ورد به التنزيل، روى سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله: أنا الرحمن وهي الرحم شققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته ". وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثني خالي حيان بن بشر قال: حدثنا محمد بن الحسن عن أبي حنيفة قال: حدثني ناصح عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من شئ أطيع الله فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم وما من عمل عصي الله به أعجل عقوبة من البغي واليمين الفاجرة ". وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا خالد بن خداش قال: حدثنا صالح المري قال: حدثنا يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»