عمر، أن عمر صلى على مسح من ثلج أصابه وأرادوا أن يتيمموا فلم يجدوا ترابا، فقال:
" لينفض أحدكم ثوبه أو صفة سرجه فيتيمم به ". وروى هشام بن حسان عن الحسن قال: " إذا لم يجد الماء ولم يصل إلى الأرض ضرب بيده على لبده وسرجه ثم يتيمم به ".
قوله تعالى: (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) قال أبو بكر: الذي يقتضيه الظاهر مسح البعض على ما بيناه في قوله تعالى: (وامسحوا برؤوسكم) وأن الباء تقتضي التبعيض، إلا أن الفقهاء متفقون على أنه لا يجوز له الاقتصار على القليل منه وأن عليه مسح الكثير. وذكر أبو الحسن الكرخي عن أصحابنا أنه إن ترك المتيمم من مواضع التيمم شيئا قليلا أو كثيرا لم يجزه. وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه يجزيه إذا ترك اليسير منه، وهذا أولى بمذهبه، لأن من أصله جواز التيمم بالحجارة التي لا غبار عليها وليس عليه تخليل أصابعه بالحجارة، وهذا يدل على أن ترك اليسير منه لا يضره، وقال الله تعالى: (وليطوفوا بالبيت العتيق) [الحج: 29] ولا خلاف في وجوب استيعاب البيت كله، وغير جائز له ترك شئ منه.
قوله تعالى: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم) قال أبو بكر: لما كان الحرج الضيق ونفى الله عن نفسه إرادة الحرج بنا، ساغ الاستدلال بظاهره في نفي الضيق وإثبات التوسعة في كل ما اختلف فيه من أحكام السمعيات، فيكون القائل بما يوجب الحرج والضيق محجوجا بظاهر هذه الآية، وهو نظير قوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) [البقرة: 185]. وقوله تعالى: (ولكن يريد ليطهركم) يحتمل معنيين: الطهارة من الذنوب كما قال النبي: " إذا توضأ العبد فغسل وجهه خرجت ذنوبه من وجهه، وإذا غسل يديه خرجت ذنوبه من يده " إلى آخره، كما قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [الأحزاب: 33] يحتمل التطهير من الذنوب ويحتمل التطهير من الأحداث والجنابة والنجاسة، كقوله تعالى:
(وإن كنتم جنبا فاطهروا) وقوله تعالى: (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان) [الأنفال: 11] فانتظم لطهارة الجنابة والطهارة من النجاسة، وقوله تعالى: (وثيابك فطهر) [المدثر: 4] فلما احتمل المعنيين فالواجب حمله عليهما، فيكون المراد التطهير من الاحداث والتطهير به أيضا من الذنوب، وهذا