باب صفة التيمم قال الله تعالى: (فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) فاختلف الفقهاء في صفته، فقال أصحابنا: " التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين " فقالوا: " يضرب بيديه على الصعيد ثم يحركهما فيقبل بهما ويدبر على الصعيد ثم ينفضهما ثم يمسح بهما وجهه، ثم يعيد إلى الصعيد كفيه جميعا فيقبل بهما ويدبر ويرفعهما فينفضهما ثم يمسح بكل كف ظهر ذراعه الأخرى وباطنها إلى المرفقين ".
واتفق مالك والثوري والليث والشافعي أنه ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، وروي مثله عن جابر وابن عمر. وحكى بعض أصحاب مالك أنه إن تيمم بضربة واحدة أجزأه، وحكى عن مالك أيضا أنه يتيمم إلى المرفقين فإن تيمم إلى الكوعين لم يعد. وقال الأوزاعي: " تجزي ضربة واحدة للوجه والكوعين "، وروي نحوه عن عطاء. وقال الزهري: " يمسح يديه إلى الإبط ". وقال ابن أبي ليلى والحسن بن صالح: " يتيمم بضربتين يمسح بكل واحدة منهما وجهه وذراعيه ومرفقيه ". وقال أبو جعفر الطحاوي: " لم نجد عن غيرهما أنه يمسح بكل واحدة من الضربتين وجهه وذراعيه ومرفقيه ".
والحجة لقول أصحابنا ما روى ابن عمر وابن عباس والأسلع عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة التيمم: " ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين ". واختلفت الرواية عن عمار، فروى عنه عبد الرحمن بن أبزى عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ضربة واحدة للوجه واليدين ". وروى عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ضربتين " وهذا أولى، لأنه زائد وخبر الزائد أولى. وأيضا فكما أنه لا يجوز في الوضوء الاكتفاء بماء واحد لعضوين بل عليه تجديد الماء لكل عضو، كذلك الحكم في التيمم، لأنهما طهارتان وإن كانت إحداهما مسحا والأخرى غسلا، ألا ترى أنه يحتاج إلى تجديد الماء لكل رجل في المسح على الخفين وإن لم يكن غسلا؟ وإنما قلنا إن التيمم إلى المرفقين بحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث الأسلع، ذكرا فيه جميعا أن التيمم إلى المرفقين. واختلف عن عمار فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة التيمم، فروى الشعبي عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمار، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أوفوا التيمم إلى المرفقين "، وروى غيره عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه عن عمار قال: " سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التيمم فأمرني بضربة واحدة للوجه والكفين ". ورواه شعبة عن سلمة بن كهيل عن زر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار، وقال فيهما: " ونفخ فيهما ومسح بهما وجهه وكفيه إلى المرفقين ".
وروى سلمة عن أبي مالك عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمار: أنه تمعك في التراب في