أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ٤٩٤
تجدوا ماء فتيمموا) فذكر عدم كل جزء منه، إذ كان نكرة في جواز التيمم، فإذا وجد قليلا لم يجز الاقتصار على التيمم. والسابع والأربعون: دلالتها على سقوط فرض الطلب وبطلان قول موجبه، إذ كان الوجود أو العدم لا يقتضيان طلبا، فموجب الطلب زائد فيها ما ليس منها. والثامن والأربعون: دلالتها على أن من خاف ذهاب الوقت إن توضأ لم يجز له التيمم، إذ كان واجدا للماء، لأمره تعالى إيانا بالغسل عند وجود الماء بقوله تعالى: (فاغسلوا) من غير ذكر الوقت. والتاسع والأربعون: دلالتها على أن المحبوس الذي لا يجد الماء ولا ترابا نظيفا أنه لا يصلي، لأن الله أمر بفعل الصلاة بأحد ما ذكره في الآية من ماء أو تراب. والخمسون: احتمالها لجواز التيمم للمحبوس إذا وجد ترابا نظيفا. والحادي والخمسون: جواز التيمم قبل دخول الوقت، إذ لم يحصره بوقت وإنما علقه بعدم الماء بقوله تعالى: (فلم تجدوا ماء). والثاني والخمسون: دلالتها على جواز الصلوات المكتوبات بتيمم واحد ما لم يحدث أو يجد الماء، بقوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) ثم قوله في سياقه: (فتيمموا) فأمر بالصلاة بالتيمم على الوجه الذي أمر بها بالوضوء، فلما لم تقتض الآية تكرار الوضوء لكل صلاة لم تقتض تكرار التيمم. والثالث والخمسون: دلالتها على أن على المتيمم إذا وجد الماء في الصلاة الوضوء، لقوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) على ما بينا من دلالتها على ذلك فيما سلف. والرابع والخمسون: مسح الوجه واليدين في التيمم واستيعابهما به. والخامس والخمسون: مسح اليدين إلى المرفقين لاقتضاء قوله تعالى: (وأيديكم إلى المرافق) إياها، وأن ما فوق المرفقين إنما خرج بدليل. والسادس والخمسون:
جوازه بكل ما كان من الأرض، لقوله تعالى: (فتيمموا صعيدا طيبا) والصعيد الأرض.
والسابع والخمسون: بطلان التيمم بالتراب النجس، لقوله تعالى: (طيبا) والنجس ليس بطيب. والثامن والخمسون: وجوب النية في التيمم من وجهين: أحدهما أن التيمم القصد، والثاني: قوله تعالى: (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) على ما بينا من دلالته على أن ابتداءه يكون من الأرض حتى يتصل بالوجه من غير قطع، وأن استعماله لشئ آخر يقطع حكم النية ويوجب الاستيناف. والتاسع والخمسون: احتمالها لإصابة بعض التراب وجهه ويديه، لقوله: (منه) وهو للتبعيض. والستون: دلالتها على بطلان قول من أجاز التيمم بالثلج والحشيش، إذ ليسا من الصعيد. والواحد والستون: دلالة قوله تعالى: (أو جاء أحد منكم من الغائط) على إيجاب الطهارة من الخارج من السبيلين وأن دم الاستحاضة وسلس البول والمذي ونحوها توجب الوضوء، إذ كان الغائط وهو المطمئن من الأرض يؤتى لكل ذلك. والثاني والستون: دلالة قوله تعالى: (فاغسلوا وجوهكم) على جواز الغسل بسائر المائعات إلا ما خصه الدليل، فيستدل به على جواز
(٤٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 ... » »»