أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ٣٢٢
مدة الإقامة والسفر لا سبيل إلى اثباتها من طريق المقاييس وإنما طريقها التوقيف أو الاتفاق، وقد حصل الاتفاق في خمسة عشر يوما وما دونها مختلف فيه، فيثبت الخمسة عشر أنها إقامة صحيحة ولم يثبت ما دونها، وكذلك السلف قد اتفقوا على الثلاث أنها سفر صحيح يتعلق بها حكم القصر والإفطار واختلفوا فيما دونها فلم يثبت، والله أعلم.
باب صلاة الخوف قال الله تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك) الآية. قال أبو بكر: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف على ضروب مختلفة، واختلف فقهاء الأمصار فيها، فقال أبو حنيفة ومحمد: " تقوم طائفة مع الإمام وطائفة بإزاء العدو فيصلي بهم ركعة وسجدتين ثم ينصرفون إلى مقام أصحابهم، ثم تأتي الطائفة الأخرى التي بإزاء العدو فيصلي بهم ركعة وسجدتين ويسلم وينصرفون إلى مقام أصحابهم، ثم تأتي الطائفة التي بإزاء العدو فيقضون ركعة بغير قراءة وتشهدوا وسلموا وذهبوا إلى وجه العدو، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيقضون ركعة وسجدتين بقراءة ". وقال ابن أبي ليلى:
" إذا كان العدو بينهم وبين القبلة جعل الناس طائفتين، فيكبر ويكبرون ويركع ويركعون جميعا معه، وسجد الإمام والصف الأول، ويقوم الصف الآخر في وجوه العدو، فإذا قاموا من السجود سجد الصف المؤخر، فإذا فرغوا من سجودهم قاموا وتقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم، فيصلي بهم الإمام الركعة الأخرى كذلك، وإن كان العدو في دبر القبلة قام الإمام ومعه صف مستقبل القبلة والصف الآخر مستقبل العدو، فيكبر ويكبرون جميعا ويركع ويركعون جميعا، ثم يسجد الصف الذي مع الإمام سجدتين، ثم ينقلبون فيكونون مستقبلي العدو، ثم يجئ الآخرون فيسجدون ويصلي بهم الإمام جميعا الركعة الثانية، فيركعون جميعا ويسجد الصف الذي معه، ثم ينقلبون إلى وجه العدو، ويجئ الآخرون فيسجدون معه ويفرغون ثم، يسلم الإمام وهم جميعا ".
قال أبو بكر: وروي عن أبي يوسف في صلاة الخوف ثلاث روايات، إحداها مثل قول أبي حنيفة ومحمد، والأخرى مثل قول ابن أبي ليلى إذا كان العدو في القبلة، وإذا كان في غير القبلة فمثل قول أبي حنيفة. والثالثة أنه لا تصلى بعد النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإمام واحد وإنما تصلى بإمامين كسائر الصلوات. وروي عن سفيان الثوري مثل قول أبي حنيفة، وروي أيضا مثل قول ابن أبي ليلى وقال: " إن فعلت كذلك جاز ". وقال مالك:
" يتقدم الإمام بطائفة وطائفة بإزاء العدو فيصلي بهم ركعة وسجدتين ويقوم قائما وتتم الطائفة التي معه لأنفسها ركعة أخرى، ثم يتشهدون ويسلمون، ثم يذهبون إلى مكان
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»