" يصلي المسافر ركعتين فإن قام إلى الثالثة وصلاها فإنه يلغيها ويسجد سجدتي السهو ".
وقال الشافعي: " ليس للمسافر أن يصلي ركعتين إلا أن ينوي القصر مع الإحرام، فإذا أحرم ولم ينو القصر كان على أصل فرضه أربعا ".
قال أبو بكر: قد بينا أنه ليس في الآية حكم القصر في أعداد الركعات، ولم يختلف الناس في قصر النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره كلها في حال الأمن والخوف، فثبت أن فرض المسافر ركعتان بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه لمراد الله تعالى، قال عمر بن الخطاب:
سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن القصر في حال الأمن، فقال: " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته "، وصدقة الله علينا هي إسقاطه عنا، فدل ذلك على أن الفرض ركعتان، وقوله:
" فاقبلوا صدقته " يوجب ذلك، لأن الأمر للوجوب، فإذا كنا مأمورين بالقصر فالإتمام منهي عنه. وقال عمر بن الخطاب: " صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم "، فأخبر أن الفرض ركعتان وأنه ليس بقصر بل هو تمام، كما ذكر صلاة الفجر والجمعة والأضحى والفطر وعزا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فصار ذلك بمنزلة قول النبي صلى الله عليه وسلم:
" صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر "، وذلك ينفي التخيير بين القصر والإتمام. وروي عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا صلى ركعتين حتى يرجع ". وروى علي بن زيد عن أبي نضرة عن عمران بن حصين قال: حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يصلي ركعتين حتى يرجع إلى المدينة، وأقام بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين، وقال لأهل مكة: " صلوا أربعا فإنا قوم سفر ". وقال ابن عمر: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين، وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم في السفر فلم يزيدوا على ركعتين حتى قبضهم الله تعالى، وقد قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) [الأحزاب: 21]. وروي بقية بن الوليد قال: حدثنا أبان بن عبد الله عن خالد بن عثمان عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" صلاة المسافر ركعتان حتى يؤوب إلى أهله أو يموت ". وقال عبد الله بن مسعود:
" صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين ". وقال مورق العجلي: سئل ابن عمر عن الصلاة في السفر، فقال: " ركعتين ركعتين من خالف السنة كفر ". فهذه أخبار متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في فعل الركعتين في السفر لا زيادة عليهما، وفي ذلك الدلالة من وجهين على أنهما فرض المسافر، أحدهما: أن فرض الصلاة مجمل في الكتاب مفتقر إلى البيان، وفعل النبي عليه السلام إذا ورد على وجه البيان فهو كبيانه بالقول يقتضي الإيجاب، وفي فعله صلاة السفر ركعتين بيان منه أن ذلك مراد الله، كفعله لصلاة الفجر وصلاة الجمعة وسائر الصلوات. والوجه الثاني: لو