المتقدم؟ فإن احتجوا بحديث أبي سعيد الخدري في قصة سبايا أوطاس وسبب نزول الآية عليها وهو قوله: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم)، لم يفرق بين من سبيت مع زوجها أو وحدها. قيل له: روى حماد قال: أخبرنا الحجاج عن سالم المكي عن محمد بن علي قال: " لما كان يوم أوطاس لحقت الرجال بالجبال وأخذت النساء، فقال المسلمون: كيف نصنع ولهن أزواج؟ فأنزل الله تعالى: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم)، فأخبر أن الرجال لحقوا بالجبال وأن السبايا كن منفردات عن الأزواج والآية فيهن نزلت. وأيضا لم يأسر النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة حنين من الرجال أحدا فيما نقل أهل المغازي، وإنما كانوا من بين قتيل أو مهزوم. وسبى النساء، ثم جاءه الرجال بعد ما وضعت الحرب أوزارها فسألوه أن يمن عليهم بإطلاق سباياهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
" أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم " وقال للناس: " من رد عليهم فذاك ومن تمسك بشئ منهن فله خمس فرائض في كل رأس " وأطلق الناس سباياهم، فثبت بذلك أنه لم يكن مع السبايا أزواجهن.
فإن احتجوا بعموم قوله: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم)، لم يخصص من معهن أزواجهن والمنفردات منهن. قيل له: قد اتفقنا على أنه لم يرد عموم الحكم في إيجاب الفرقة بالملك، لأنه لو كان كذلك لوجب أن تقع الفرقة بشرى الأمة وهبتها وبالميراث وغيره من وجوه الأملاك الحادثة، فلما لم يكن ذلك كذلك علمنا أن الفرقة لم تتعلق بحدوث الملك وكان ذلك دليلا على مراد الآية، وذلك لأنه إذا لم يخل مراد الله تعالى في المعنى الموجب للفرقة في المسبية من أحد وجهين: إما اختلاف الدارين بهما، أو حدوث الملك، ثم قامت دلالة السنة واتفاق الخصم معنا على نفي إيجاب الفرقة بحدوث الملك، قضى ذلك على مراد الآية بأنه اختلاف الدارين، وأوجب ذلك خصوص الآية في المسبيات دون أزواجهن.
مطلب: إذا خرجت الحربية إلينا مسلمة أو ذمية ولم يحلق بها زوجها وقعت الفرقة بينهما ويدل على أن المعنى فيه ما ذكرنا من اختلاف الدارين، أنهما لو خرجا مسلمين أو ذميين لم تقع بينهما فرقة، لأنهما لم تختلف بهما الداران، فدل ذلك على أن المعنى الموجب للفرقة بين المسبية وزوجها إذا كانت منفردة اختلاف الدارين بهما، ويدل عليه أن الحربية إذا خرجت إلينا مسلمة أو ذمية ثم لم يلحق بها زوجها وقعت الفرقة بلا خلاف، وقد حكم الله تعالى بذلك في المهاجرات في قوله: (ولا جناح عليكم أن