نسائكم اللاتي دخلتم بهن، لخرج الربائب من الحكم وصار حكم الشرط في أمهات النساء دونهن، وذلك خلاف نص التنزيل، فثبت أن شرط الدخول مقصور على الربائب دون أمهات النساء.
وقد حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا إسماعيل بن الفضل قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أيما رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها، وإن لم يدخل بها فلينكح ابنتها، وأيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل بها فلا يحل له نكاح أمها ".
وقد حكى عن السلف اختلاف في حكم الربيبة، فذكر ابن جريج قال: أخبرني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عن مالك بن أوس عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال في الربيبة إذا لم تكن في حجر الزوج وكانت في بلد آخر ثم فارق الأم بعد الدخول: " إنه جائز له أن يتزوج الربيبة ". ونسب عبد الرزاق إبراهيم هذا فقال: إبراهيم بن عبيد في غير هذا الحديث، وهو مجهول لا تثبت بمثله مقالة، ومع ذلك فإن أهل العلم ردوه ولم يتلقه أحد منهم بالقبول، وقد ذكر قتادة عن خلاس عن علي أن الربيبة والأم تجريان مجرى واحدا، وهو خلاف هذا الحديث، لأن الأم لا محالة تحرم بالدخول بالبنت وقد جعل الربيبة مثلها، فاقتضى تحريم البنت بالدخول بالأم سواء كانت في حجره أو لم تكن.
وذكر في حديث إبراهيم هذا أن عليا احتج في ذلك بأن الله تعالى قال: (وربائبكم اللاتي في حجوركم) فإذا لم تكن في حجره لم تحرم. وحكاية هذا الحجاج يدل على وهي الحديث وضعفه، لأن عليا لا يحتج بمثله، وذلك لأنا قد علمنا أن قوله: (وربائبكم) لم يقتض أن تكون تربية زوج الأم لها شرطا في التحريم، وأنه متى لم يربها لم تحرم، وإنما سميت بنت المرأة ربيبة لأن الأعم الأكثر أن زوج الأم يربيها، ثم معلوم أن وقوع الاسم على هذا المعنى لم يوجب كون تربيته إياها شرطا في التحريم، كذلك قوله: (في حجوركم) كلام خرج على الأعم الأكثر من كون الربيبة في حجر الزوج، وليست هذه الصفة شرطا في التحريم كما أن تربية الزوج إياها ليست شرطا فيه، وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم: " في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض وفي ست وثلاثين بنت لبون "، وليس كون المخاض أو اللبن بالأم شرطا في المأخوذ وإنما ذكره لأن الأغلب أنها إذا دخلت في السنة الثانية كان بأمها مخاض وإذا دخلت في الثالثة كان بأمها لبن، فإنما أجرى الكلام على غالب الحال، كذلك قوله تعالى: (في حجوركم) على هذا الوجه.
قال أبو بكر: لا خلاف بين أهل العلم في تحريم من ذكر ممن لا يعتق عليه بملك اليمين وأن الأم والأخت من الرضاعة محرمتان بملك اليمين كما هما بالنكاح، وكذلك